04-May-2019, 06:48 AM
|
|
|
|
|
قصة الجسر
جلس عجوز، يضع نظارات ذات حافات معدنية ويلبس ملابس متربة جدا، على جانب الطريق. على مبعدة أُقيم فوق النهر جسر عائم على قوارب تعبر عليه عربات وشاحنات، رجال ونساء وأطفال. فوق الحافة شديدة الإنحدار من الجسر ترنحت العربات التي تجرها الثيران وراح الجنود يساعدون على دفعها الى الأمام بتحريك دواليبها. كانت الشاحنات ترتطم بالأرض في سيرها وتتقدم الفلاحين الذين كانون يجاهدون في مشيهم وقد غاصت اقدامهم في التراب. ولكن العجوز جلس هناك ولم يتحرك. كان يبدو متعبا جدا ولم يستطع الذهاب أبعد من ذلك.
وكان عليًّ ان أعبر الجسر لأستطلع طرفه في الخلف واكتشف الى أي مدى تقدم العدو. قمت بذلك وعدت فوق الجسر. لم تعد هناك الآن عربات كثيرة ولم يعد هناك سوى نفر قليل من الناس يمشون على اقدامهم، لكن العجوز لم يبرح مكانه.
" من أين أتيت؟" سألته.
" من (سان كارلوس،)" قال وأبتسم. كانت تلك البلدة مسقط رأسه الأمر الذي بعث في نفسه السرور فذكرها مبتسما. " كنت أعتني بحيوانات،" أوضح قائلا.
" أوه،" قلت، ولم أفهم تماما ما يعنيه.
" نعم،" قال. " بقيت، كما ترى، لأعتني بحيوانات. كنت آخر من غادر بلدة سان كارلوس."
لم يكن يبدو عليه أنه راعي غنم أو صاحب ماشية. ونظرت الى ثيابه السوداء المتربة ووجهه الرمادي المغبر ونظاراته ذات الحافات المعدنية.
" أي حيوانات كانت؟" سألته.
" حيوانات مختلفة،" قال وهز رأسه. " كان عليًّ أن أتركها."
كنت أراقب الجسر وريف (إيبرو ديلتا) ذي المظهر الأفريقي، متسائلا كم سيمضي من الوقت قبل ان نرى العدو، وأصغي خلال ذلك الى الأصوات الأولى التي كانت ستشير في أي وقت الى حادث مبهم يستدعي الأتصال. وكان العجوز يجلس هناك لا يزال.
" أي حيوانات كانت؟" سألته.
" كان هناك ثلاث حيوانات معا،" قال موضحا. " كانت هناك، أيضا، معزتان وقطة ثم أربعة أزواج من الحمام."
" وكان عليك ان تتركها؟"
" نعم، بسبب قصف المدفعية. قال لي قائد الميدان أن اذهب بسبب قصف المدفعية."
" وأنت، ليس عندك عائلة؟" سألته، مراقبا النهاية البعيدة للجسر حيث كانت عربات قليلة متبقية تسرع في منحدر الضفة.
" لا،" قال. " فقط الحيوانات التي ذكرتها. القطة، بالطبع، ستكون بخير. القطة تستطيع ان تنتبه إلى نفسها، لكني لا أستطيع التفكير ما الذي سيحدث للبقية."
" لديك معتقد سياسي؟ إلى أية جهة تميل؟"
" لست سياسيا،" قال. " عمري 76 سنة. مشيت 12 كيلومتر حتى الآن وأعتقد أني لا أستطيع الذهاب أبعد من هنا بعد الآن."
" هذا ليس مكانا ملائما للتوقف عنده،" قلت. " إذا كنت تستطيع، توجد شاحنات في الطريق الذي يتفرع الى (تورتوسا.)"
" سأنتظر لفترة،" قال، " ثم سأذهب. إلى أين تمضي الشاحنات؟"
" باتجاه (برشلونه.)"
" لا أعرف أحدا في ذلك الأتجاه،" قال، " ولكن أشكرك جدا. أشكرك مرة أخرى جدا."
نظر إليًّ بوجه متعب، خال من التعبير، ثم قال، يريد ان يتقاسم قلقه مع أحد ما، " القطة ستكون بخير، أنا متأكد. لا حاجة لأنشغال البال عليها. لكن البقية. والآن، ماذا ترى بالنسبة للبقية؟"
" حسنا، من المحتمل أنها ستنجو."
" أترى ذلك؟"
" لم لا؟" قلت، مراقبا الضفة الأخرى حيث العربات لم تعد موجودة الآن.
" لكن ماذا ستفعل تحت القصف المدفعي عندما أُخبرت ان أغادر بسبب قصف المدفعية؟"
" تركت قفص الحمام مفتوحا؟"
" نعم."
" إذن سيطير."
" نعم، سوف يطير بالتأكيد. ولكن البقية. من الأفضل عدم التفكير في البقية."
" إذا كنت مرتاحا فسأذهب،" قلت أستحثه.. " إنهض وحاول ان تسير الآن."
" أشكرك،" قال ونهض على قدميه، تأرجح من جانب إلى آخر ثم جلس بأتجاه عكسي في التراب.
" كنت أعتني بحيوانات فقط،" قال بفتور، ولم يكن يوجه الكلام لي. " كنت أعتني بحيوانات فقط."
لم يكن هناك ما يمكن عمله من أجله. كان اليوم هو أحد الفصح والفاشيست يتقدمون باتجاه (إيبرو.) كان نهارا ملبدا بالغيوم وكئيبا، وكانت طائراتهم تحلق على علو منخفض. إن القطط تعرف كيف تتدبر أمرها، تلك الحقيقة كانت كل ما أمتلك الرجل العجوز من حظ سعيد في أي وقت من الأوق
|
04-May-2019, 06:50 AM
|
#2
|
رد: قصة الجسر
بارك الله فيك على الموضوع القيم
وفي انتظار جديدك الأروع والمميز
لك مني أجمل التحيات
|
|
|
05-May-2019, 09:50 AM
|
#3
|
رد: قصة الجسر
تسلم الأيادي على قصه
إحتراماتي لروحك
|
|
|
05-May-2019, 01:18 PM
|
#4
|
رد: قصة الجسر
.
تسلم ايدك ع الطرح
يعتيك العافية
|
|
|
11-May-2019, 10:12 PM
|
#5
|
رد: قصة الجسر
يعطيـك ـآلـعـآفيـهَ ع جمَ ـآل طرحـكٌ.
د ـآم عطـآئكٌ ../..ورؤعـه تمَ ـيـزكٌ.
(..مَ ـودتيٌ
|
|
|
25-May-2019, 12:48 PM
|
#6
|
رد: قصة الجسر
كـــ العادة إبـداع رائـع
وطرح يـسـتـحـق المتـابـعـة
بـــــ إنتظار الجديد القادم
. . مع التحية والتقدير ..
|
|
: : شكراً لكِ اختي الغالية / النديه :
: :
|
26-May-2019, 06:22 AM
|
#7
|
15-Jun-2019, 08:41 PM
|
#8
|
27-Jun-2019, 04:04 AM
|
#9
|
03-Jul-2019, 10:33 PM
|
#10
|
رد: قصة الجسر
بان
ربي يعطيك العافيه ع رووعة طرحك للقصه المعبره للفائده
وسلمت يمناك لنقلك الجميل ولاعدمنا جديدك المميز
عطاء وقلم تشكري عليه
|
|
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
أدوات الموضوع |
|
انواع عرض الموضوع |
العرض العادي
|
ضوابط المشاركة
|
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك
كود HTML معطلة
|
|
|
جميع الأوقات بتوقيت GMT +4. الساعة الآن 12:40 PM.
| | | | | | | | | |