ملخص لأحكام الزكاة بأسلوب بسيط - منتديات حروف العشق © عالم الأبداع والتميز

 ننتظر تسجيلك هـنـا

 

 

( إعلانات حروف العشق )  
     
     
   

 

{ ❆فَعِاليَآت حروف العشق ❆ ) ~
                      

 

 



حروف نسائم ايمانية۞ من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
#1  
قديم 16-Aug-2023, 10:46 AM
سلطان الزين متواجد حالياً
Saudi Arabia     Male
معرض الوسام
35 30 25 
 
 عضويتي » 6535
 جيت فيذا » Nov 2017
 آخر حضور » اليوم (06:36 PM)
آبدآعاتي » 48,968
 حاليآ في »
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه Saudi Arabia
جنسي  »
 التقييم » سلطان الزين has a reputation beyond reputeسلطان الزين has a reputation beyond reputeسلطان الزين has a reputation beyond reputeسلطان الزين has a reputation beyond reputeسلطان الزين has a reputation beyond reputeسلطان الزين has a reputation beyond reputeسلطان الزين has a reputation beyond reputeسلطان الزين has a reputation beyond reputeسلطان الزين has a reputation beyond reputeسلطان الزين has a reputation beyond reputeسلطان الزين has a reputation beyond repute
 
افتراضي ملخص لأحكام الزكاة بأسلوب بسيط

Facebook Twitter


مُلَخَّص لأحكام الزكاة بأسلوب بسيط [1]


ما مَعنَى الزكاة؟ الزكاة في اللغة معناها: النَمَاء، وتأتي أيضاً بمعنى: التطهير، قال تعالى: (قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا) [2]، وقد سُمِّيَت الزكاة بذلك الاسم لأنَّ في إخراجها نماءٌ للمال، ويَكْثُرُ بسببها الأجر، ولأنها تُطَهِر النفس من رذيلة البُخل، وأما معناها في الشرع فهو: نصيبٌ مُقدَّرٌ شرعاً، في مالٍ مُعَيَّن، يُصرَفُ لطائفةٍ مخصوصة، واعلم أنه قد ثبتت فرضِيّة الزكاة بالكتاب والسُنَّة والإجماع.

الحَث عليها، والترهيب مِن عدم أدائها:

1- قال تعالى: ﴿ خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا وَصَلِّ عليهمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَّهُمْ ﴾ [3]، وقال تعالى: ﴿إِنَّ المُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ *كَانُوا قَلِيلاً مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ *وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ ﴾ [4]، وقال تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ﴾ [5]، وقال تعالى: ﴿ وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمْ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْراً لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ﴾ [6].

2- عن ابن عباس - رضي الله عنه -ما أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لَمّا بعث معاذاً إلي اليمن قال له: " إنك تأتي قوماً من أهل الكتاب، فادْعُهُم إلي شهادة أنْ لا إله إلا الله، وأني رسول الله، فإنْ هم أطاعوا لذلك، فأعْلِمْهُم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة، فإنْ هم أطاعوا لذلك، فأعْلِمْهُم أن الله افترض عليهم صدقة تُؤخَذ مِن أغنيائهم فتُرَدّ في فقرائهم، فإنْ هم أطاعُوا لذلك، فإيَّاكَ وَكَرَائِمُ أموالهم - (يعني لا تأخذ الزكاة مِن أفضل أموالهم وأحَبّهَا إليهم كما سيأتي) -، واتقِ دعوة المظلوم، فإنه ليس بينها وبين الله حِجاب"[7].



ما حُكْم مانِع الزكاة؟

الزكاة مِن فرائض الإسلام وأركانه، ويجب إخراجها على الفور ما أمْكَنَه، وقد أجمعت الأمة على أنَّ تَرْك الزكاة من الكبائر، فإنْ تَرَكَهَا جاحداً لفرضيتها - بعد أنْ عَلِمَ بوجوبها - فهو كافر، خارج عن الإسلام، ويجب على وَلِيّ الأمر قتله لِكُفره، فإنْ كانَ قريبَ عهدٍ بالإسلام، أو نشأ في بادِيَة بعيدة، فيُعْذَرُ حينئذٍ لِجَهْلِه، لكنه إنْ كانَ بين ديار المسلمين، ثم ادَّعَى الجهل فلا يُعْذَرُ لِجَهْلِه، لأنَّ فرضية الزكاة من الأشياء المعلومة من الدين بالضرورة.


• فإنْ تركها: فلِلحاكم عندئذٍ أن يأخذ منه الزكاة بالقهر، وأن يُعَزِّرَه - يعني يُؤَدِّبُهُ ويعاقبه - بسبب مَنْعِهِ من أدائها، وذلك بأن يأخذ منه نصف ماله أيضاً بعد الزكاة (عقوبة له)، والمقصود بنصف ماله: نصف المال الذي لم يُخرِج زكاته - على الراجح من أقوال العلماء -، ومثال ذلك: أنه إذا كان عليه زكاة ذهب، وزكاة ثمار، فأدَّى زكاة الثمار مثلاً، وَبَخِلَ بزكاة الذهب، فالتعزير حينئذِ يكون على الذهب فقط، وذلك بأنْ يأخذ زكاة الذهب عُنوَة، ثم يأخذ نصف ما تبقى من الذهب بعد إخراج الزكاة، فقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ". . وَمَن منعها فإنا آخِذُوها، وَشَطْرَ مالِهِ - (يعني وآخِذوا نصف ماله أيضاً بعد الزكاة) -، عَزمَة مِن عَزَمات ربنا تبارك وتعالى - (يعني أنَّ هذا أمرٌ أوْجَبَهُ اللهُ تعالى على الحاكم)" [8].


ما هي أنواع الزكاة؟

أنواع الزكاة هي: (زكاة الحُلِيّ - زكاة الأوراق البَنكية والسَنَدَات - زكاة الفِطر - زكاة عُرُوض التجارة - زكاة الرِّكَاز(وهو كل شيءٍ له قيمة، قد دُفِنَ في الأرض مِن أيام الجاهلية كما سيأتي) - زكاة الأنعام - زكاة الزروع).


ما هي شروط وجوب الزكاة على شخصٍ ما (يعني متى نقول أنَّ هذا الشخص عليه زكاة)؟

(1) أن يكون هذا الشخصُ حُرَّاً: لأنَّ الزكاة لا تَجِبُ على العبد إلا في زكاة الفِطر كما سيأتي.

(2) أنْ يكونَ مُسلِماً.

• واعلم أنه لا يُشْتَرَط أن يكونَ الشخص بالغاً أو عاقلاً - وذلك على الراجح من أقوال العلماء - ، وعلى هذا فتَجِب الزكاة في مال الصغير والمجنون، وذلك بأن يُخرجَها عنه وَلِيُّه[9].

(3) أن يَصِلَ المالُ الذي يَملِكُه إلى قِيمة النِصَاب، والنِصَاب هو: قيمة معينة من المال، بحيث إذا بَلَغَ مال الشخص هذه القيمة. . أصبحت الزكاة واجبة عليه)، وسيأتي تحديد هذه الأنصِبَة بالتفصيل لِكُلٍّ من: الذهب والفِضَّة والأنعام والزروع.

(4) أن يَمُرّ عام هجري كامل على هذا المال الذي بلغَ قيمة النِصَاب:

وذلك لِمَا ثبتَ في الحديث: " لا زكاة في مالٍ، حتى يَحُول عليه الحَوْل - (يعني حتى يَمُرّ عليه عام)" [10]، وَيُحسَب العام الهجري ابتداءً مِن يوم أن يَبْلُغَ المال قيمة النِصَاب، بشرط أنْ يَظَلّ المال ثابتاً - أو في زيادة - إلي إنتهاء العام، بحيث إنه إذا نقص أثناء ذلك العام عن قيمة النِصَاب، ثم رجع بعد ذلك إلى قيمة النِصَاب مرة أخرى، فالراجح أنه يبدأ حساب العام الهجري مِن يوم رجوعه إلى قِيمة النِصَاب مرة أخرى، ولا يُحْسَب من المرة الأولى، لأنَّ العام قد انقطع بِنُقصان المال عن قيمة النِصَاب، وهذا هو مذهب الجمهور.


ولكنْ هناك بعض الأنواع تُسْتَثْنَي مِن شرط مرور العام الكامل عليها، وهي:

الزروع والثِمار الخارجة من الأرض، (فإنَّ زكاتها تخرج يوم حصادها، لقوله تعالى: (وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ)، وكذلك نِتاج المواشي (يعني إذا ولدت المواشي أثناء ذلك العام الهجري صِغاراً، فإنَّ هذه الصِغار تُضاف على قيمة النِصَاب كما سيأتي)، وكذلك رِبْح التجارة (يعني الأرباح الزائدة على رأس مال التجارة أثناء العام)، وكذلك الرِّكَاز (كما سيأتي توضيح ذلك)، واعلم أنَّ كل هذه الأنواع المُستثناة مِن شرط مرور العام عليها سوف يتم شرحها بالتفصيل في مكانها.


ونبدأ الآن في ذِكْر كل نوع مِن أنواع الزكاة بالتفصيل:

أولاً: زكاة الحُلِيّ: والحُلِيّ قِسمان:

القِسم الأول: النَقدَان، والنقدان هما: (الذهب والفِضَّة)، وقد اختلف العلماء في وجوب زكاة الذهب والفِضَّة على أقوالٍ كثيرة، ولبعضهم في ذلك تفصيل بينَ كَوْنِهِ للزينة، أو للادِّخَار، أو كانَ قد أعِدَّ للتجارة، أو غير ذلك، والراجح من هذه الأقوال كلها هو: وجوب الزكاة على الذهب والفِضَّة إذا بلغا قِيمة النِصَاب الخاص بهما، وَمَرَّ عليهما عام هجري كامل، أيَّاً كان الغرض مِن تَمَلُّكِهِمَا، وذلك لعموم الأدلة على وجوب زكاة الذهب والفِضَّة، ولم يَستَثنَ منها شيء، ولكنْ معَ هذا فلا نُنكِر على مَن يقول بعدم وجوب الزكاة على ذهب الزينة، لأنَّ الأمر مَحلّ خِلاف مُعتَبَر بين العلماء.

• واعلم أنه إذا مَرَّ عامٌ هجريٌّ على الفِضَّة أو الذهب - الذي تمتلكه المرأة -، وَوَجَبَتْ فيه الزكاة، ثم لم تجد المرأة مالاً تؤدي به هذه الزكاة، فإنه يجب عليها أن تبيع مِن حُلِيِّهَا بقدْر هذه الزكاة لتؤدي ما عليها، إلا أن يُعِينَها أحد في أداء الزكاة كَزَوْجٍ أو قريب، أو غير ذلك فلا بأس، وحتى لو اقترضت مِن أجل إخراج الزكاة فلا بأس.

القِسم الثاني: غير النَقدَيْن (يعني غير الذهب والفِضَّة): كالمَاس، والدُرّ، واليَاقوت، واللؤلؤ، والمَرجان، والزَبَرْجَد ونحوها، فهذا لا تجب فيه الزكاة مهما بلغت قيمته، إلا ما أعِدَّ منه للتجارة، فهذا يدخل في عروض التجارة، كما سيأتي.

ما هي قيمة نِصَاب الذهب والفِضَّة؟

قيمة نِصَاب الذهب: عشرون ديناراً مِن الذهب، وهو ما يُقدَّر بـ (85 جراماً) من الذهب، فإذا بلغ الذهب - الذي يمتلكه الشخص - هذا المِقدار - أو زادَ عليه - أيّاً كانَ نوع العِيَار الذي عنده، المهم أن يكون 85 جرام أو أكثر، وأن يَمُرَّ عليه عام هجري كامل، فحينئذٍ يَجِبَ على الشخص أن يُخرج على هذا الذهب زكاة مقدارها: رُبع العُشْر، (يعني 5. 2% من إجمالي الذهب الذي عنده)، وذلك بأن يَعلم سِعر جرام الذهب في السُوق (مِن نفس نوع العِيَار الذي عنده، أو إذا كانَ عنده أكثر مِن نوع: فليسأل عن نوع العِيَار الأغلب عنده)، ثم يَضرب سعر الجرام الواحد في عدد الجرامات التي عنده كلها، (وذلك حتى يُحَوِّلَها إلى نقود)، ثم يضرب الناتج في (5. 2%)(على الآلة الحاسبة مثلاً)، ثم يُخرج القيمة الناتجة بعد الضرب للزكاة.

ومِثالُ ذلك: إذا كان يمتلك 100 جرام مِن الذهب (عيار 21)، وأرادَ أن يُخرج زكاتها، فعليه أن يسأل عن سعر الجرام في السوق (عِيَار 21) (ولْيَكُن سعر الجرام بـ (300 جنيه))، فحينئذٍ يكون حساب الزكاة كالآتي:

(100 جرام ذهب (وهو كل ما يملكه) × 300 (وهو سعر الجرام الواحد) × 5. 2% (يعني 2. 5/100) = 750 جنيه.


وأما قيمة نِصَاب الفِضَّة فهو: (200) دِرْهَم من الفِضَّة، وهو ما يُقدَّر بـ (595 جراماً) من الفِضَّة، فإذا بلغت الفِضَّة - التي يمتلكها الشخص - هذا المقدار - أو زادَت عليه -، وَمَرَّ عليها عام هجري كامل، فحينئذٍ يَجِبَ على الشخص أن يُخرج على هذه الفِضَّة زكاة مقدارها: رُبع العُشْر، (يعني 5. 2% من إجمالي الفِضة التي عنده)، وذلك بأن يعلم سِعر جرام الفِضَّة في السوق، (مِن نفس نوع العِيَار الذي عنده، أو إذا كانَ عنده أكثر مِن نوع: فليسأل عن نوع العِيَار الأغلب عنده)، ثم يضرب سعر الجرام في عدد الجرامات التي عنده كلها، ثم يضرب الناتج في (5. 2%)، ثم يُخرج القيمة الناتجة بعد الضرب للزكاة.

ومِثالُ ذلك: إذا كان يمتلك 600 جرام مِن الفِضَّة، وأرادَ أن يُخرج زكاتها، فإنه يسأل عن سعر الجرام في السوق (عِيَار80) (ولْيَكُن سعر الجرام) بـ (5 جنيهات)، فحينئذٍ يكون حساب الزكاة كالآتي:

(600 جرام فِضّة (وهو كل ما يملكه) × 5 (وهو سعر الجرام الواحد) × 5. 2% = 75 جنيه.

• واعلم أن المقصود بالذهب والفِضَّة: ما كانَ خالصاً، سواء أكَانَ نقوداً (كالجنيهات الذهبية)، أو كانت سبائك(والسَبيكة هي المَعدَن الذي قد تَمَّ استخلاَصُه من الشوائب، ولكنه لم يُصَنَّع بعد)، وكذلك إذا كانَ تِبْراً (والتِبر هو المعدن الذي لم يُستَخلَص من الشوائب بعد، (وهو ما يُسَمَّى: معدن خَام)).


مسألة: إذا امتلك أحد الأشخاص: ذهباً وفِضَّة، وكانَ كُلّ مِن النوعين لم يبلغ قيمة النِصَاب الخاص به، فهل يَلزَمُهُ حينئذٍ أن يقوم بجمع النوعين (الذهب والفِضَّة معاً) (وذلك بأن يحسب قيمتهما بالنقود)، ثم يحسب القيمة الناتجة بعد الجمع، فإذا بلغت قيمة نِصَاب أيّ نوع منهما، أخرَجَ عنه الزكاة؟

الراجح مِن أقوال العلماء أنه لا يَضُمّ كُلّ منهما إلى الآخر، ولا زكاة عليه في واحدٍ منهما، طالما أنه لم يبلغ النِصَاب الخاص به، وذلك لأن الجِنْسَيْن - يعني النوعين (الذهب والفِضَّة) - يختلف أحدهما عن الآخر على الراجح، ولم يأتِ دليل يقول بِضَمّ أحد النَقدَيْن إلي الآخر لِيُكْمِلَ به قيمة النِصَاب.

ولكنْ اعلم أنَّ هذا بخِلاف النقود، يعني أنه إذا كانَ يمتلك نقوداً، فإنه يَجمَعها مع الفضة أو الذهب أو عروض التجارة لتكميل قيمة النَصاب (لأنَّ الحُلِيّ والنقود وعروض التجارة تدخل ضمن ما يُعرَف بزكاة المال) (بمعنى أنه يجوز إخراج زكاة الذهب مالاً، وإخراج زكاة المال ذهباً) (وعلى هذا فإذا كانَ عنده مثلاً نقود وذهب، فإنه يَجمعهما (وذلك بعد أن يحسب قيمة الذهب بالنقود)، ثم يرى حاصل الجمع: فإن كانَ قد بلغَ قيمة النِصَاب، أخرجَ الزكاة على كل هذا المال (أي على مجموع الذهب مع النقود) بعد أن يمر عليهما عام هجري كامل، (وكذلك الحال إذا كانَ عنده نقود وفضة، أو نقود وذهب وفضة)، (مع العِلم أنَّ الشيء الواحد لا تخرج زكاته مَرَّتين في نفس العام).


ثانياً: زكاة الأوراق البَنكية (مثل الدُولار، والجُنَيْه، والريال، وغير ذلك) - والتي تُعرَف بـ (النقود) -، وكذلك السَنَدَات (مِثل الـ (شِيكَات)، والـ (كِمْبِيَالات)، وشهادات الاستثمار، وغير ذلك من الأوراق التي لها قيمة مادية):

اعلم - رحمك الله - أنَّ هذه الأوراق البنكية والسَنَدَات ما هِيَ إلا وثائق لقيمتها، لِذا فإنه يَجِب فيها الزكاة إذا بلغَتْ قيمة النِصَاب، وَمَرَّ عليها عام هجري كامل، وتكون الزكاة فيها بأن يُخرج الشخص عن كل ألفٍ منها: خمساً وعشرين.

• ولكنْ هل الأفضل أن تُقدَّر قيمة النِصَاب لهذه الأوراق بنفس قيمة نِصَاب الذهب، أم تُقدَّر بقيمة نِصَاب الفِضَّة؟

الجواب: الأوْلَى أن تُقدَّر بقيمة نِصَاب الفِضَّة (يعني ما يُعادل (595 جراماً) من الفِضَّة)، وذلك لما يأتي:

أولاً: أنَّ ذلك هو الأحوَط والأبرأ لِلذِمَّة (لأنه مِن المُمكِن أن يكون المال قد وجبت فيه الزكاة، لأنَّ قيمة نِصَاب الفضة أرخَص من قيمة نِصَاب الذهب).

ثانياً: أنَّ هذا أرْفَق بالفقير (حيث إنه سيكون هناك أناسٌ كثيرون قد امتلكوا قيمة نِصَاب الفضة، لأنه أرخَص في القيمة من نِصَاب الذهب، فبالتالي سيُخرجون زكاتهم، فينتفع الفقراء)، ولكنْ مع هذا فلا نُنكِرُ على مَن يأخذ بالرأي الآخر، فيحسب قيمة النِصَاب بنفس قيمة نِصَاب الذهب، لأنَّ الأمر مَحلّ خِلاف مُعتَبَر بين العلماء.

فعليه حينئذٍ أن يعلم سِعر جرام الفِضَّة في السوق(وَلْيَكُن على سبيل المثال عِيَار 80، لأنه الشائع والمُتَداوَل بين الناس)، ثم يضرب سعر الجرام في (595)، وهو ما يعادل قيمة نِصَاب الفِضَّة: (595 جراماً)، فإذا وجد المال الذي عنده يُعادل القيمة الناتجة بعد الضربأو يزيد عليه، فإنَّ هذا المال تجب فيه الزكاة، وذلكبأن يُخرج عن كل ألفٍ منها: خمساً وعشرين (يعني يحسب 5. 2% من قيمة النقود التي يمتلكها، فإذا كانَ عنده مثلاً مبلغ 20 ألف جنيه، فإنَّ زكاته تكون كالآتي: (20000× 5. 2% = 500 جنيه) (هذا إذا أخذ بالرأي الذي يقول بقيمة نِصَاب الفضة).

• وأما إن أخذ بالرأي الآخر، وهو أن يحسب قيمة النِصَاب لهذه الأوراق بنفس قيمة نِصَاب الذهب، فعليه أن يعلم سِعر جرام الذهب في السوق (وَلْيَكُن على سبيل المثال عِيَار 21، لأنه الشائع والمُتَداوَل بين الناس)، ثم يضرب سعر الجرام في (85)، وهو ما يعادل قيمة نِصَاب الذهب: (85 جرام)، فإذا وَجَدَ المالَ الذي عنده يُعادلالقيمة الناتجة بعد الضرب أو يزيد عليه، فإنَّ هذا المال تجب فيه الزكاة، وذلك بأن يُخرج عن كل ألفٍ منها: خمساً وعشرين، كما سبق.

♦♦♦♦

زكاة الدَيْن: اختلفت آراء العلماء فِيمَن له ديون على الناس، وَكانت هذه الديون قد بلغت قِيمة النِصَاب، وَمَرَّ عليها عامٌ هجريٌ كامل: (هل يجب إخراج زكاتها أم لا؟)، والراجح من أقوال العلماء أنه لا زكاة عليها، سواء كانَ هذا الدَيْن على شخصٍ مُعْتَرِف بالدَيْن ولم يُنْكِرْهُ ويستطيع أداؤه، أو كانَ جاحداً به (يعني غير معترف بالدَيْن الذي عليه)، أو كانَ مُعْسِرَاً لا يستطيع أداؤه، أو كانَ مُمَاطِلاً، وذلك لأنَّ هذا الدَيْن - الذي لَهُ عند الناس - غير تام المِلك (يعني أنَّ صاحبه لا يستطيع التَصَرُّف فيه، لِوُجُودِهِ في يَدِ غيره)، ولكنْ مع هذا فلا نُنكِر على مَن يقول بوجوب الزكاة على الدَيْن.

ملاحظات:

1- يُلحَق بمَن له ديون على الناس: مُؤَخَّر المَهر (يعني أنَّ هذا المُؤَخَّر يُعتَبَر دَيْنٌ للزوجة على زوجها)، وكذلك الأقساط التي عند المُشتَرِي ولم تُسَدَّد بعد، ونحو ذلك، فإنه لا تَجب فيها الزكاة حتى يَقبضها صاحبها، ثم ينتظر حتى يَمُرُّ عليها عام هجري كامل، - على الراجح -، وكذلك إذا كان له مال، ولكنه كانَ ضائعاً أو مسروقاً، فإنه لا تجب فيه الزكاة، لأنَّ هذا المال غير تام المِلك، وحتى إذا رُدَّ إليه هذا المال: فإنه ينتظر حتى يَمُرُّ عليه عام هجري كامل - على الراجح - كما قلنا عند استرداده للديون التي عند الناس.

2- بالنسبة للمَدِين (وهو الرجل الذي عليه الدَين):(هل يُخرج زكاة هذا الدَيْن الذي عنده - إذا كانَ الدَيْن قد بلغ النِصَاب، ومر عليه عام؟ (الجواب: نعم يُخرجُها، بشرط أن يكون المال الخاص بهذا الدَيْن في حَوْذَتِهِ، وتحت تصرفه).

3- إذا كانَ عند المَدِين مالٌ تَجب فيه الزكاة (كأنْ يكون عنده مثلاً ذهبٌ، أو فضة، أو عروضٌ للتجارة قد بلغت قيمة النِصَاب)، فإنه يُخرِج عنها الزكاة، ولا تَسْقط الزكاة مِن أجل الدَيْن الذي عليه (على الراجح من أقوال العلماء)، ولكنْ يُلاحَظ - في هذه الحالة - أنه يُخرج الزكاة على جميع المال الذي عنده (وذلك بأن يجمع قيمة هذا المال الذي وجبت فيه الزكاة، مع الجزء المُتاح عنده مِن الدَين (أي الجزء (السائل) منه، الجاهز للسداد)، ثم يُخرج الزكاة على حاصل الجمع (يعني يُخرج 5. 2% من إجمالي المال الذي عنده، بما فيهم الجزء المُتاح من الدَيْن) (وذلك لأنه عليه الزكاة على جميع ما تحت يديه من أموال).

4- إذا حانَ موعد إخراج الزكاة، وفي نفس الوقت حانَ موعد سداد الدَيْن: فإنَّ الدَيْن يُقدَّم على إخراج الزكاة، فإذا أدَّى الدَيْنَ لصاحبه، فنقص المال الذي عنده عن قيمة النِصَاب بسبب قضاء الدَيْن فلا زكاة عليه، وكذلك إذا كانَ هناك نذر على شخصٍ ما، أو كانت عليه كفارة (ككفارة ظِهَار، أو يَمِين)، فقضى هذه الكفارة، أو قضَى هذا النذر، فنقص ما يملكه عن قيمة النِصَاب فلا زكاة عليه (حتى لو كانَ هذا المال قد مَرَّ عليه عام هجري كامل)، فإذا كَمُل نِصَابه مرة أخرى، فالراجح أنه يُخرج عنه الزكاة مباشرة (يعني لا ينتظر عليه عام هجري آخر)، لأنَّ العام قد مَرَّ عليه قبل ذلك.


5- إذا كانَ له دَيْن عند فقير، فهل يَجُوز أن يُسقِط عنه الدَيْن ويَعتبر ذلك من الزكاة؟

فيهِ قولان للعلماء:

القول الأول: لا يُجْزِئُه ذلك عن الزكاة.

والقول الثاني: يُجْزِئُه ذلك عن الزكاة (وهو الراجح)، وقد قيَّدَ الحسن البَصري رحمه الله هذا الدَيْن - الذي سيُسقِطُهُ - بأنْ يكونَ نتيجة قرْض (وبالطبع أن يكون المقترض من أحد المستحِقين للزكاة كما سيأتي)، وَعَلَى هذا فلا يَصِحّ أن يُسْقِطَ التُجَّار ديونهم عن بعضهم باعتبارها من الزكاة.

6- وأما إذا أعطى الزكاة لذلك الفقير - الذي عليه الدَيْن - ولكنه اشترط على الفقير أن يردها إليه مرة أخرى لإسقاط الدَيْن عنهفإنها لا تَصِحّ اتفاقاً، ولا تَسقط الزكاة عنه، لأنه اشترطَ عليه ذلك، فإن نَوَيَا فِعْل ذلك في نفوسهم، ولكنْ لم يُشْتَرَطاه بالقول: فإنَّ ذلك يُجزئه عن الزكاة، ويكونُ الدَيْنَ قد سقط عن صاحبه.

7- إذا ادَّخَرَ مالاً لأجل بناء سَكَنِي، أو لأجل الحج، أو أعَدَّهُ لزواجٍ أو غير ذلك، ثم بلغ هذا المال قيمة النِصاب، وَمَرَّ عليه عام هجري فإنه يجب عليه زكاته.

8- المقصود بالدَيْن: المال الذي ثَبَتَ في ذِمَّة الشخص، كالقرض، والأقساط، والإيجار، وصَدَاق الزوجة (المَهر)، وَعِوَض الخُلْع الثابت للزوج، فكُلّ ذلك لا تجب فيه الزكاة على صاحب الدَيْن (على الراجح مِن أقوال العلماء).

9- إذا مَرَّ عامٌ هِجري على المال - الذي بلغ قيمة النِصَاب -، ولم يُؤَدِّ زكاته بعد، ثم نقص ذلك المال عن قيمة النِصَاب بعد مرور العام عليه، - ولو بسرقة، أو بِتَلَف، أو بِحَرْق النقود، أو بِمَوْت الماشية، أو غير ذلك -، فقد اختلف العلماء في ذلك: فذهبَ فريق منهم إلى أنَّ الزكاة واجبة في ذمته، يجب عليه أداؤها، وذهب فريق آخر إلى أنَّ الزكاة تسقط عنه إذا كانَ هذا التلف بغير تفريطٍ منه أو إهمال، والراجح أنَّ الزكاة تكون واجبة عليه ولا تسقط (سواء كان هذا التلف بتفريطٍ منه أو بغير تفريط)، وذلك لأنها حق الله، وقد تعلقت بذمته (لأنها بلغت النِصَاب، ومَرَّ عليها العام)، وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: "فدَيْن اللهِ أحَقُّ أنْ يُقضَى" [11].



10- إذا استبدل الشيء الذي يملكه بشيءٍ آخر مِن نفس النوع(كأنْ يستبدل ذهباً بذهب آخر، أو يستبدل (جنيهات) بـ (دُولارات)، أو يشتري ذهباً بالمال الذي عنده، أو يبيع الذهب بالمال)، فلا ينقطع حينئذٍ حساب العام الهجري، بل يستمر في حسابه، وأما إن استبدله بشيءٍ مِن نوعٍ آخرفقد انقطعَ حساب العام، ويبدأ في حسابه مِن جديد، (كأنْ يمتلك شِيَاه (والشِيَاه جمع شاة، وهي الضأن أو الماعز)، ثمأبْدَلَ هذه الشِيَاه بـ(شِيَاهٍ أخرى تُعادِل قيمتها قيمة النِصَاب، أو تزيد عليه)، فالحَوْل - يعني العام - لا ينقطع، وأما إذا أبدَلَ هذه الشِيَاه ببقر: انقطعَ العام، وبدأَ في حساب عامٍ جديدٍ للبقر.



• ولكنْ يُسْتَثنَى مِن ذلك عروض التجارة - كما سيأتي -، فإن العام لا ينقطع بإبدال المال، فإذا كانَ مثلاً يُتاجر في سِلعَةٍ معينة، ثم عَدَلَ عنها إلي التجارة في سِلَعٍ أخرى: فإنَّ العام لا ينقطع (على الراجح)، لأن المقصود من التجارة هو: (التربُّح)، أيَّاً كانَ نوع السلعة التي يتاجر فيها.



• واعلم أن الذهب والفِضَّة جِنْسَان - يعني نَوْعان - مختلفان على الراجح مِن أقوال العلماء، وعلى هذا فلَو أبْدَلَ ذهباً بفِضَّة أو العكس (وذلك أثناء العام): فإنه يقطع حسابَ العام، ويبدأَ في حساب عامٍ هجري جديد.



• وَفِي جميع ما سبق لا يَجُوز أن يكون المقصود بهذا الإبدال: الهروب والاحتيال عن إخراج الزكاة، فلو فعل ذلك لكانَ آثِماً يستحق العقوبة.



♦♦♦♦

ثالثاً: زكاة الفِطر: وزكاة الفِطر واجبة على كل فرد من المسلمين (صغيراً كانَ أو كبيراً، ذكراً كانَ أو أنثي، حُرّاً كانَ أو عبداً)، وذلك لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - فرض زكاة الفِطر صاعاً مِن تمر، أو صاعاً مِن شعير، على العبد والحر، والذكر والأنثى، والصغير والكبير من المسلمين" [12]، وسيأتي تعريف الصاع.



ما هي الحِكمة من مشروعية زكاة الفِطر؟

عن ابن عباس - رضي الله عنه -ما أنه قال: " فرضَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زكاة الفِطر: طُهْرَةً للصائم من اللَّغو والرَفَث - وهو الفُحش مِن الكلام -، وَطُعْمَة للمساكين "[13].



(مَن الذي يَجب عليه إخراج زكاة الفِطر؟)

يجب على رَبّ البيت (القائم بشئون البيت) أن يُخرج زكاة الفِطر عَن نفسه، وعَمَّن يَعُولُهُم، إذا امتلَكَ مالاً يزيدُ عن حاجاته الأصلية وعن حاجة مَن تَجب عليه نفقتهم، (كالمَأكَل - يعني طعامُهُ المُعتاد لِيَوْمِهِ وليلته - والمَلبَس، وإيجار المَسكَن - وقِيمة فاتورة الكهرباء - وغير ذلك مِمّا يَضره إذا لم يدفع قيمته)، ويُلاحَظ أنه يتعلق بذلك بعض المسائل:

1. هل تجب زكاة الفِطر على الزوجة؟

ذهبَ فريق من العلماء إلى أنه يجب على الزوجة أن تُخرج زكاة الفِطر مِن مالها (إن كانَ لها مال)، وذهب الجمهور إلى أنَّ الزوج هو الذي يَلزَمُهُ إخراج زكاة الفِطر عن زوجته، وذلكلأن الزوجة تابعة للنفقة، وَرَجَّحَ الشيخ ابن عُثَيْمِين القول الأول، ثم قال: (لكنْ لو أخرجها عَمَّن يُمَوِّنُهُم- (يعني عَمَّن يَعُولُهم) - وبرضاهم فلا بأسَ بذلك ولا حرج)[14]، (وكذلك إذا كانَ أحد الأبناء يعمل، فيجُوز له أن يُخرجها عن نفسه، كما يجُوز أن يُخرجها عنه أبوه، أو رَبّ المنزل).



قال الشيخ عادل العزَّازي: (وإنما تَجِب على العبد فقط مِن مال سَيِّدِه - (يعني على سبيل الوجوب، وليست على سبيل التخيير) -، لحديث النبي - صلى الله عليه وسلم -: " ليسَ في العبدِ صدقة - أي: على سيده - إلا صدقة الفِطر ". [15]، (وأما الخادم فيجب عليه إخراج زكاته عن نفسه، وذلك لأنه يتقاضى أجراً نَظيرَ خدمته).



2. هل تجب زكاة الفِطر على الصغير؟

الراجح أنها تجب عليه، وذلك لقوله - صلى الله عليه وسلم -: " والصغير والكبير "، فتُخرَجُ زكاة الفِطر مِن مال الصغير (إنْ كانَ له مال)، فإن لم يكن له مال: فإنها تجب على مَن تَلْزَمُهُ نَفَقَتُه، وهذا هو رأي الجمهور.



3. هل تُخْرَج زكاة الفِطر عن الجَنِين؟

ذهب جمهور الفقهاء إلى أنَّ زكاة الفِطر لا تجب على الجَنِين، وهو الراجح.



4. هل يُشْتَرَط لزكاة الفِطر نِصَاب معين(يعني هل يُشتَرَط أن يكون لبيته دَخلاً شهرياً معيناً، حتى تَجب عليه زكاة الفِطر)؟

تقدَمَ في الحديث أنَّ زكاة الفِطر تكون: (على العبد والحُرّ)، هكذا على العموم، يعني سواء كانَ غنياً أو فقيراً، ولذلك لم يَشْتَرِط الجمهور لوجوب زكاة الفِطر سِوَى: الإسلام، وأن تكون قيمة الزكاة فاضلة عن قُوتِه وعن قُوتِ مَن تَلزَمُهُ نفقته يوم العيد وليلته، وأن تكون فاضلة عن حاجاته الأصلية وحاجة مَن يَعُول (كما سبق توضيح ذلك) (والخُلاصَة أنه لا يَلزم مقدار دَخل معين، أو مستوى مَعِيشة معين لإخراج زكاة الفِطر).



• واعلم أنه لا يَلزَمُ أن يكون - الذي سيُخرَجُ عنه زكاة الفطر- قد صامَ رمضان لقوله:" والصغير والكبير "، ومعلومٌ أنَّ الصغير لا يجب عليه الصوم، وعلى هذا فلَو كانت المرأة نُفَسَاء طوال شهر رمضان، فالواجب عليها إخراج زكاة الفِطر (سواء من مالها أو مِن مال زوجها كما تقدم).



5. ما هو المِقدار الواجب إخراجه في زكاة الفِطر؟

الواجب في زكاة الفِطر: " صاع " مِن أقوات البلد، فعلى هذا يُخرِج صاعاً من شعير، أو صاعاً من زبيب، أو صاعاً من تَمر، أو أي شئ آخر مما يُعَدّ قوتاً أساسياً للبلد كالأرز والقمح والذرة ونحو ذلك.



وتقدير الصاع:

أربع حِفنات بِكَفَّي الرجل المعتدل، (والصاع هو عبارة عن مِكيال معين يُكَالُ به الحبوب، وتختلف قيمته بالكيلو جرام لكل نوع من أنواع الحبوب، وذلك حسب وزن كل نوع (فمثلاً: وزن الأرز الذي يملأ هذا المِكيال غير وزن المكرونة التي تملؤه، فالمكرونه خفيفة في الوزن، وهكذا سائر الحبوب تتفاوت في الوزن) (والخُلاصَة أنه يمكننا أن نقول: كم عدد الكيلو جرامات - من الحبوب - التي تملأ هذا الصاع؟)(كم (كيلو) من الأرز يملأ هذا الصاع؟، وكم (كيلو) من التمر يملؤه؟ وهكذا)، وقد سَجَّلَ بعض الدُعاة مقادير زكاة بعض هذه الأصناف بالكيلو جرام كالآتي:(صاع الأرزيُملأ بـ:(3. 2 كجم) أرز)، (صاع التمر: 3 كجم تمر)، (صاع اللُوبيا: 2كجم لوبيا)، (صاع الزبيب: 6. 1 كجم زبيب)، (صاع الفاصُولْيَا: 65. 2 كجم فاصوليا)، (صاع العَدْس بجِبَّة: 3 كجم عدس بجبة)، (صاع العَدْس الأصفر: 2 كجم عدس أصفر).





• وأما إذا أرادَ إخراج نوع آخر من الحبوب مِمَّا لم يُذكَر تقديره بالكيلوجرام، كالمكرونة والقمح والفول والذرة وغير ذلك، فله أن يُقدِّرَها بأربع حِفنات بِكَفَّي الرجل المعتدل (كما سبق في تعريف الصاع)، أو أن يَحتاطَ لنفسه فيُخرج على الفرد الواحد: (من 5. 2 إلى 3 كجم) مِن هذا الصنف كَنِسبة تقديرية، والله أعلم.



• وقد حَدَّدَ النبي - صلى الله عليه وسلم - أنها صاعاً مِن طعام على الفرد الواحد، فعلى العبد أن يُخرج صاعاً عن نفسه، وصاعاً عن كل فرد مِمَّن يَعُولُهُم - مِن أي نوع من أنواع الحبوب - بالكيلو جرام، (فمثلاً إذا أخرجَ عن نفسه وعن زوجته وعن ابنه وعن ابنته: أربع صاعات من الأرز (يعني على كل فرد منهم صاع)، فإنه يُخرج:

4 (أفراد) × 3. 2 كجم أرز (وهو مقدار صاع الأرز بالكيلو جرام) = 2. 9 كجم أرز (عن كل أفراد الأسرة)، وإن زادَ على ذلك فهو أعظم له في الأجر.





6. ما هو حُكم إخراج زكاة الفِطر قِيمة (يعني نقود بدلاً من الطعام)؟

• الجواب: أمَّا إخراج القِيمة فلم يُجزئُه الأئمة الثلاثة: (مالك والشافِعِيّ وأحمد) في زكاة الفِطر، وأما أبو حنيفة فقد ذهب إلي جواز إخراج القيمة، والراجح ما ذهبَ إليه الجمهور مِن عدم جواز إخراج القِيمة، وذلك للنصوص الواردة بأنها مِن طعام، والزكاة عبادة، لا تبْرَأ الذِمَّة إلا بأدائها على الوجه المأمور به.



• يعني أنَّ الأوْلَى عدم التساهُل في إخرج القيمة إبراءً للذمة، وخروجاً من الخِلاف، ولكنْ مع هذا: فلا ينبغي أن يُنكِرَ أحدٌ على مَن يُخرجُ زكاة الفِطر نقوداً (للحاجة وللتيسير على المسلمين)، طالما أنَّ الخِلاف مُعْتَبَرٌ بين العلماء، وذلك لِمَنْع التنازع والشِقاق بين المسلمين وبعضهم، ولكنْ اعلم أنه إذا سألكَ أحد الناس - قبل أن يُخرجَ الزكاة - وقال لك: كيف أخرج زكاة الفِطر: (طعاماً أم نقوداً)؟ فقل له: (أخرجْها طعاماً اتِبَاعاً للسُنَّة)، ويا حَبَّذا لو نصحتَهُ بأن يُخرجَ - مع الطعام - نقوداً كصدقة للفقير، وذلك حتى يَجْمَعَ بين القولين، واللهُ المُستَعَان، ونسأله القبول.





ما هو وقت أداء زكاة الفِطر؟

اختلف العلماء في تحديد بداية وقت وجوب زكاة الفِطر على قولين:

القول الأول: أنَّ وقت الوجوب يبدأ من غروب شمس آخر يوم من رمضان، وهذا الرأي هو الأرجَح.

القول الثاني: أن وقت الوجوب يبدأ بطلوع فجر يوم العيد.



• وعلى هذا فإذا وُلِدَ له مولودقبل غروب شمس آخر يوم من رمضان فإنه يجب عليه زكاة الفِطر باتفاق العلماء، لأنه أتى عليه وقت الوجوب وهو مولود، وأما إن وُلِدَ بعد غروب الشمس وقبل فجر يوم العيد، وَجَبَت عليه الزكاة (على مَن يأخذ بالرأي الثاني)، ولم تجب (على مَن يأخذ بالرأي الأول)، والراجح عدم وجوب زكاة الفِطر عليه، وكذلك يُقال فيمَن أسْلَمَ قبل غروب الشمس، فقد وجبت عليه زكاة الفِطر، وأما إذا أسلم بعد الغروب وقبل الفجر، فالراجح عدم الوجوب.



وأما عن آخر وقت الوجوب: فهو من بداية وقت صلاة العيد، فلا يَجُوز له أن يؤخرها إلى ما بعد صلاة العيد، وأما إن أخَّرَها عن يوم العيد فذلك أشَدّ إثماً، قال ابن قدامة في كتابه "المُغنِي": (فإن أخَّرَها عن يوم العيد أثِمَ، وَلَزِمَهُ القضاء)، وذلك على سبيل الندم، لعل الله أن يَعفوَ عنه، وحينئذٍ تُكتَبُ له صدقة عادية، كمَن ذبح أضحيته قبل الصلاة يومَ الأضحى.





ولكنْ هل يَجُوز تقديمها عن بداية وقت الوجوب؟

اختلفت آراء العلماء في ذلك، وأرْجَحُ الأقوال أنه يَجُوز تقديمها عن بداية وقت الوجوب بيوم أو يومين، ولكنْ لا نُنكر أيضاً على مَن يُخرجُها قبل ذلك للحَاجَة، وذلك من باب التيسير على المسلمين.



ملاحظــات:

(1) يَجُوز التوكيل في إخراج زكاة الفِطر، وذلك بأن يُعطي لِغَيْرِهِ قيمة الزكاة (نقوداً)، ليشتري بها الطعام، ثم يُخرجُها عنهُ طعاماً (ويكون مقدار هذه القيمة بأن يَحسب مثلاً قيمة صاع الأرز في السوق، و(هو ما يُعادل 2. 3 كجم أرز كما سبق)، ثم يعطي لوكيله هذه القيمة ليشتري بها الأرز نيابة عنه، فإذا كان سيُخرج مثلاً أربع صاعات من الأرز (عن نفسه وعن أسرته)، فإنه يُخرج هذه القيمة: (4 × 2. 3كجم أرز × سعر كيلو جرام الأرز في السوق).



(2) يجُوز للإمام (وهو الحاكم المسلم، ولِيّ الأمر) - أو مَن يَنُوبُ عنه - إذا جَمَعَ زكاة الفِطر قبل صلاة العيد أن يُبْقِيَها في بيت المال (وهي خِزَانة الدولة)، ولو لِبَعد صلاة العيد، حتى يتم توزيعها على الفقراء.



(3) إذا أخَّرَ زكاة الفِطر بسبب عُذرٍ معين (كأنْ يعلم برؤية هِلال شَوَّال أثناء سفره، أو لم يجد فقيراً يؤتيه الزكاة)، فإنه لا يأثم بذلك، وتكون الزكاة في ذِمَّتِه (يعني يجب عليه أداؤها مَتَى تَمَكَّنَ من الأداء).



(4) يَجُوز أن يُعطي زكاة فطره وزكاة مَن يَعُولُهم لشخصٍ واحدٍ فقط، كما يَجُوز أن يُقَسِّمَها على عدة أشخاص.



♦♦♦♦



تنبيه هام: يتبقى لدينا مِن أنواع الزكاة: (زكاة عروض التجارة، وزكاة الرِّكَاز، وزكاة الأنعام، وزكاة الزروع)، وَسَوف يَتِّم ذِكْرُ أحكامِهِم بعد ذِكْر أحكام صدقة التطوع، ومصـارف الزكـاة.



♦♦♦♦

صدقة التَطَوُّع
الحَثّ على صدقة التَطَوُّع:

قال تعالى: ﴿ مَثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِّائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عليمٌ ﴾[16]، وقال تعالى: ﴿ وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً ﴾ [17].



وَمِن الأحاديث:

1- قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " مَنْ تَصَدَّقَ بِعَدْل - (يعني بمقدار أو بقيمة) - تَمْرَةٍ مِن كَسْبٍ طَيِّب - وَلا يقبلُ اللهُ إلا الطَيِّب - فإنَّ الله يتقبلها بيمينِه، ثم يُرْبيها لصاحبها - (يعني يَزيدُها) - كما يُرَبِّي أحَدُكُم فلُوَّه، حتى تكونَ مِثلُ الجبل"[18]، (والفلُوّ: هو ولد الناقة إذا فُصِلَ - يعني فُطِمَ - عن ثَدْي أمِّهِ).



2- قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " يقول العبد: مالِي مالِي، إنما له مِن مالِهِ ثلاث: ما أكَلَ فأفنَى، أو لَبِسَ فأبْلَى، أو أعطَى فاقتنَى - (يعني تصدَّق فادَّخَرَ لنفسه حسناتٍ يوم القيامة) -، وما سِوَى ذلك فهو ذاهِبٌ وتاركُهُ للناس". [19].



3- قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " ما منكم مِن أحدٍ إلا سَيُكَلِّمُهُ الله، ليس بينه وبينه تُرْجُمَان، فينظرُ أيْمَنَ منه، فلا يرى إلا ما قَدَّمَ، فينظرُ أشأمَ منه فلا يرى إلا ما قَدَّمَ، وينظرُ بين يديه فلا يرى إلا النارَ تِلقاءَ وَجهِه، فاتقوا النارَ وَلَو بِشِقّ تَمرة "، وفي رواية: " مَن استطاعَ منكم أنْ يَسْتَتِرَ مِن النار وَلَو بِشِقّ تَمرة فْليَفعَلْ " [20].



4- قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " كُلُّ امْرِئٍ في ظِلَّ صَدَقَتِه حتى يُقضَى بين الناس "[21]، وقال أيضاً: "إنَّ الصدقة لَتُطْفِئُ عن أهلها حَرّ القبور، وإنما يَسْتَظل المؤمن يوم القيامة في ظِلِّ صَدَقَتِه" [22].



5- قال - صلى الله عليه وسلم -: " والصدقة تُطفِئُ الخَطيئة كما يُطفِئُ الماءُ النار "[23].





مســائل وأحكام متعلقة بالصدقـات:

(1) صدقة السِرّ: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "سبعة يُظِلُّهُم اللهُ في ظله يوم لا ظِلَّ إلا ظله - وذكرَ منهم -: وَرَجُلٌ تصدق بصدقة فأخفاها، حتى لا تعلمَ شمالُهُ ما تُنْفِقُ يَمِينِه" [24].



ففي هذا الحديث دليل على أنَّ إخفاء الصدقة أفضل مِن إبدائها، وذلك لأنه أبْعَدُ عن الرياء، ولكن اعلم أنه يَجُوز إظهار الصدقة إذا كانت هناك مصلحة تقتضي ذلك، كترغيب الناس في الاقتداء به، قال تعالى: ﴿ إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِن تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنكُم مِّن سَيِّئَاتِكُمْ ﴾ [25].



(2) أفضل الصدقة: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " اليَدُ العُليَا خيرٌ مِن اليَدِ السُفلَى، وابدأ بمَنْ تَعُول، وخيرُ الصدقة ما كانَ عَن ظَهر غِنَى، وَمَن يستعفِف يُعِفُّهُ الله، وَمَن يَستَغنَ يُغنِهِ الله ". [26]، ففي هذا الحديث دليل على أنَّ أفضل الصدقة هو ما كانَ بعد القيام بحقوق النفس والعِيَال، وقضاء الديون، وغير ذلك، بحيثُ يكونُ المتصدق مُسْتَغنِيَاً، عنده مالٌ يستعينُ به على حوائجه ومصالحه، ولا يُصبحُ محتاجاً بعد صدقته إلي أحد، وقد ثبت في الحديث: "إنك إنْ تَذَرْ وَرَثَتَكَ أغنياء، خيرٌ لك مِن أنْ تَذَرَهُم عالَة يتكففون الناس - أي فقراء يسألون الناس "[27].





(3) مَن أحَق الناس بالصدقة؟

اعتبر الإسلام النفقة على النفس والأهل والأولاد مِن الصدقات، فلابد أولاً أن يَكفي حاجة مَن يَعُولُهم ولا يتركهم يتكففون الناس، فقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " كفى بالمرءِ إثماً أن يُضَيِّعَ مَن يَقوت" - (يعني مَن تَلزَمُهُ نفقته)[28] ، وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (دينارٌ أنفقتَهُ في سبيل الله، ودينارٌ أنفقتَهُ في رقبة - (أي: في عِتق رقبة) -، ودينارٌ تصدقتَ به على مسكين، ودينارٌ أنفقتَهُ على أهلِك، أعظمُها أجراً: الذي أنفقتَهُ على أهلِك)[29].



(4) هل للمرأة أن تتصدق مِن مال زوجها؟

اعلم - رحمك الله - أنه لا يَجُوز للمرأة أن تتصدق مِن مال زوجها إلا بإذنه (هذا إذا عَلِمَتْ منه فقراً أو بُخلاً، أو أن ترى منه غضباً إذا عَلِمَ أنها فعلت ذلك مِن ورائه)، فإن لم تعلم منه فقراً أو بُخلاً، أو غضباً: جازَ لها أن تتصدق مِن مالِهِ بغير إذنه، وفي هذه الحالة يكون لها نصف أجر الصدقة (لأنها بغير إذنه) - (بشرطأن لا تقصد الإضرار به من الناحية المالية عن طريق الإسراف في إخراج ماله) -، فإنْ تصدقت مِن مالِهِ بإذنه: استحقت الأجرَ كاملاً، والله اعلم.



• وَيُمكِن أنْ يُقال: إنها تستحق الأجر كاملاً إذا تصدقت مِن المال الذي خَصَّها زوجُها بالتصرف فيه (كالطعام)، حتى ولو تصدقت بغير إذنه، ولكنْ بشرط ألاَّ تكون صدقتها هذه مُفسِدة لنفقة البيت، وأن تكون على عِلْمٍ بأنَّ زوجها لا يُعاني فقراً أو بُخلاً، ولكنْ اعلم أنه يَجُوز للمرأة أن تتصدق مِن مالها الخاص بغير إذن زوجها، وهذا رأى الجمهور، وهو الراجح.





(5) يُسْتَحَبّ إعطاء الصَدَقة باليمين:

وذلك لقوله - صلى الله عليه وسلم - في السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم القيامة: " ورجلٌ تصدق بصدقةٍ فأخفاها، حتى لا تَعلمَ شِمالُهُ ما أنفقتْ يمينه "، ولكنْ هذا لا يَمنع مِن جواز الصدقة بالشمال.



(6) التحذير مِن المَنّ بالصدقة:

قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالأَذَى ﴾[30]، وعن أبي ذر - رضي الله عنه - أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة، ولا ينظر إليهم، ولا يزكيهم، ولهم عذاب أليم"، قال أبو ذر: فقرأها - أي: فكَرَّرَها - رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثلاث مرات، فقال أبو ذر: خابوا يا رسول الله، مَن هم؟ قال: " المُسْبِل - (وهو الذي يُطِيلُ إزارَهُ عن الكَعب) -، والمَنَّان، والمُنفِق سِلْعَتَهُ بالحَلِف الكاذب"[31].



(7) الصدقة من القليل والكثير:

لأن اللهُ تعالى لا يحتقر صدقة أحد وإن كانت قليلة، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " اتقوا النار ولو بِشِقّ تمرة " [32]، وكذلك ينبغي ألاَّ يَعِيبُ أحدٌ على المتصدق بسبب قِلَّة صَدَقتِه، كما لا يَرمِيهِ بالرياء لكثرتها.



(8) الصدقة من المال الطيب: فهذه هي الصدقة التي يُرْجَي لها القبول، وأما المال الحرام فلا يُقبَلُ عند الله، فقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّ الله طَيِّبٌ لا يقبلُ إلا طيباً ". [33].



(9) يَجُوز للمتصدق أن يَمنع بَيْع أصل الصدقة، ويجعل رِيعَها - أي: ما يَنتج عنها - صدقة في سبيل الله (وَيُسَمَّى هذا وَقفاً لله) (كأنْ يكون عنده أرض معينة، ثم يؤجرها ويجعل قيمة الإيجار صدقة، فهذه الأرض تُسَمَّى: وَقفاً لله، أو يكون عنده أحد الأنعام فيمنع بيعها، ويجعل ألبانها صدقة لله)، وكذلك تَجُوز الصدقة عن الميت وإنْ لم يَكُن قد أوْصَى بذلك.



(10) وهناك أنواع أخرى من الصدقات (التي تتناسِب مع جميع الطبقات): قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: " على كل مسلم صدقة "، فقالوا: يا نبي الله، فمَن لم يجد؟، قال: " يعمل بيده، فينفع ويتصدق"، قالوا: فإن لم يجد؟، قال: "يُعِينُ ذا الحاجة الملهوف"- (وهو المحتاج احتياجاً شديداً) -، قالوا فإن لم يجد؟، قال: "فليعمل بالمعروف، وليُمسك عن الشر فإنَّ له صدقة) (متفق عليه)، وعن أبي ذر - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " على كل نفسٍ فى كل يومٍ طَلَعَتْ فيه الشمس صدقة على نفسه "، قلتُ: يا رسول الله مِن أينَ أتصدق وليس لنا أموال؟، قال: "لأن مِن أبواب الصدقة: التكبير، وسبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، وأستغفرُ الله، وتأمرُ بالمعروف، وتنهَى عن المنكر، وتَعْزِلُ الشوكة عن طريق الناس، والعظْمة، والحَجَر، وتَهدِي الأعمى، وَتُسمِعُ الأصَمّ والأبْكَم حتى يَفقه، وَتَدُلّ المستدل على حاجةٍ لَهُ قد عَلِمْتَ مكانها، وتسعَى بشدة ساقيْك إلي اللهفان المستغيث، وترفع بشدة ذراعيْك مع الضعيف، كل ذلك من أبواب الصدقة منك على نفسك، وَلَكَ في جِمَاعِكَ زوجتِكَ أجر"[34].



• ومن أنواع الصدقات: الصدقة بالماء، والتصدق بالزرع، وإعطاء المَنِيحَة، والمَنِيحَة: هي الناقة الحلوب يُعطيها صاحبها لرجل فقير لِيأخذ حَلْبَها (فيشرب منه أو يبيعه أو يصنع منه الجُبن والسَمن وغير ذلك)ثم يَرُدُّهَا إليه بعد ذلك، فقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " ما مِن مسلم يَغرسُ غرساً، أو يزرع زرعاً، فيأكلُ منه طير أو إنسان أو بهيمة، إلا كانَ له به صدقة " [35]، وقال - صلى الله عليه وسلم -: " أربعون خَصلة - (يعني من خِصال الخير)، أعلاهُنَّ - أي في الأجر -: مَنِيحَة العَنْز - (يعني العَنزة يُعطيها صاحبها لرجل فقير لِيأخذ حَلْبَها) -، ما مِن عاملٍ يَعمَلُ بخصلةٍ منها - (أي من الأربعين خصلة) - رجاءَ ثوابها، وتصديق مَوْعُودِها، إلا أدخله الله بها الجنة " [36].


♦♦♦♦

لِمَن تُصرَفُ الزكــــاة؟
قال تعالى: ﴿ إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنْ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ﴾ [37]، فقد حَدَّدَ اللهُ تعالى في هذه الآية: المستحقين للزكاة، وهم ثمانية أصناف، وتفصيلهم على النحو التالي:

الأول والثاني: الفقراء والمساكين:

وقد اختلف العلماء في التفريق بين لفظَي الفقير والمسكين، وعلى كلّ حال فكِلاهُمَا مِن أهل الزكاة، والخُلاصة: أنَّ الفقير - والمسكين - هُوَ مَن لا مالَ له ولا كَسْب، وكذلك مَن له مالٌ وَكَسْب ولكنه لا يَسُدُّ كفايته وكفاية مَن يَعُولُهُم واحتياجاتهم الأصلية (كالمَأكَل والمَلبَس، وإيجار المَسكَن، وقِيمة العلاج والعمليات الجراحية، وكذلك قيمة فاتورة الكهرباء والمياه والغاز، وغير ذلك من الاحتياجات الضرورية للإنسان).



• ويرى الشيخ ابن عُثَيْمِين رحمه الله أنَّ الإنسان الذي يَحتاج للإعفاف (أي للنكاح)، وليس عنده قيمة المَهر، وقيمة تكاليف الزواج، فإننا نُعطيهِ من الزكاة ما يتزوج به، حتى لو كانت هذه التكاليف كثيرة (يعني أنه يُعتَبَر من جملة الفقراء والمساكين الذين يستحقون الزكاة، حتى لو كانَ عنده ما يَكفيه لأكْلِهِ وَشُرْبه وَكِسْوَتِهِ وَمَسْكَنِه) [38].



ملاحظـات:

(1) اعلم أنَّ الفقير الجار، والفقير القريب، والفقير الصالح هُم أولى بالزكاة من غيرهم (لأنك تعرفُ حالَهُم)، فهُم أولَى.



(2) اعلم أنه لا تَجُوز أن تُعطَى الزكاة للأغنياء، ولكنَّ العلماء فرقوا بين الغني الذي لا تَجُوز عليه الصدقة، وبين الغني الذي يجب أن يؤدي الزكاة، فالذي يجب أن يؤدي الزكاة معروف، وهو الذي مَلَكَ قِيمة النِصَاب (كما وَضَّحنا سابقاً)، وأما الغني الذي يَحْرُم أنْ تُعطَى له الزكاة فهو الذي عنده كفايته وكفاية مَن يَعُولُهُم واحتياجاتهم الأصلية (كما سبق)، سواء مَلَكَ قيمة النِصَاب أم لا.



(3) إذا كانَ الرجل قادراً على الاكتساب بما يَكفِيهِ هوَ وَمَنْ يَعُولُهم، فلا يَجُوز صَرْف الزكاة إليه، بشرط أن يكون ذلك العملُ الذي يَتَكَسَّبُ منه حلالاً، وأن ينال منه كفايته وكفاية مَن يَعُولُهُم، وأن يَليقَ بمكانَتِهِ وبمركزه الاجتماعي والعِلمي (كأنْ يكون صاحب علم أو مكانة بين قومه، ثم ضاقت به الظروف مثلاً فاضطر إلى أن يَعمل عملاً حلالاً ولكنْ فيه شيء مِن المَهَانة أمام أهل قريته، فهذا يُعطَى مِن الزكاة لِيَترك هذا العمل، حتى يجد العمل المناسب له، اللائق بمثله)، فإذا تهيأ له العمل الحلال اللائق بمثله وبمكانته، والذي يتكسب منه بما يَكفِيه ويكفي مَن يَعولُهُم ويكفي احتياجاتهم الأصلية، فلا يَجُوز له أن يستمر في البَطالة، وَيَحْرُمَ عليه الأخذ من الزكاة.



(4) اعلم أنه قد يكونُ للرجل مَسْكَنٌ لائقٌ به، ليس فيه إسراف، أو يكون له عمل ذو دَخْلٍ، أو راتب شهري، لكنْ لا يكفيهِ ذلك كله عن حاجته وكفايته وكفاية مَن يَعُولُهُم في الوضع الاجتماعي الذي يَليق بحاله (كما سبق توضيح ذلك)، فيَجُوز له حينئذٍ أن يُعطَى من الزكاة تَمامَ كفايته[39]، وقد قال ابن حزم رحمه الله: ". . . يُعْطَى مِن الصدقة الواجبة: مَن له الدار والخادم إذا كانَ مُحتاجاً"[40].



(5) أوْرَدَ الشيخ ابن عُثَيْمِين مسألة مهمة: (رجلٌ قادرٌ على التَكَسّب، ولكنه يريد أن يتفرغ عن العمل لطلب العلم، وليس عنده مال، قال: فهذا يُعْطَى من الزكاة)، ثم ساقَ مسألة أخرى: (لو أنَّ رجلاً يستطيع العمل، ولكنه يُحِبُّ العبادة. . فهذا لا نُعطيه، لأن العبادة نَفعُها قاصر على العبد، بخِلاف العِلم فإنَ نفعه مُتَعَدي)[41].



(6) كم يُعطَى الفقير مِن الزكاة؟

لم يحدد الشرع المقدار الذي نُعطيه للفقير مِن الزكاة، لكن المعتبر في ذلك أن نعطيه ما يُخرجه عن فقره بأن نسد حاجته، وينال كفايته بالمعرف دون تحديد لكثرة أو قلة، قال الخَطَّابي رحمه الله: (. . . وذلك يُعْتَبَر في كل إنسانٍ بقدْر حالِهِ ومعيشتِه، وليسَ فيهِ حَدٌّ مَعلوم يُحْمَلُ عليه الناسُ كلهم. . مع اختلاف أحوالهم) [42].



وقد حَدَّدَ بعض الأئمة الكِبَار - كالنَوَوي وغيره - كيفية إعطاء الفقير، ويُمكِنُ أن نُلَخِّصَ ما ذكروهُ إلي ما يلي:

أ- إذا كان الفقير صاحب حِرفة، فإنه يُعطَى من المال بالقدر الذي يُعَانُ به على حِرْفتِه، كَشِرَاءِ آلة حِرْفَتِه، مهما كان ثمن هذه الآلة، وكذلك إذا كان يَعملُ بالتجارة فإنه يُعطَى من المال بالقدر الذي يُكَوِّنُ به رأسَ مالٍ لتجارته (كشراء البضائع والسِلَع، وما يكفيه في تجارته ليتوسع فيها)، حتى يكون ذلك كفاية لعمره كله، وبهذا ينتقل من الفقر إلى الغِنَى (يعني أنه بهذا المال يستغنَى عن الصدقة طُوَال عُمره).



ب- وأما إن لم يَكُن الفقير صاحب حِرفة، أو كانَ غيرَ قادرٍ على الاكتساب مِن مالٍ حلال لِعَمَلٍ يَليقُ به، فإنه يُعطَى من المال قدر كفايته وكفاية مَن يَعُولُهم عاماً بعام، حتى يَخرج مِن حالة الفقر، وحينئذٍ يمكن إعطاؤه هذا القدر من المال السنوي - الخاص بالزكاة - في صورة رواتب شهرية، خاصة إذا كانَ لا يُحسِنُ تدبير هذا المال إذا أخذه دُفعة واحدة سنوياً، واعلم أنه لا مانع أن يُعطَى ما يُدِرَّ عليهِ دَخلاً يَكفِيه، كأنْ يُشتَرَى له مَحَلاًّ صغيراً لِيُؤجره فيُغنِيه بِسَدّ حاجاته.



الثالث: العاملون عليها:

والمقصود بالعاملين عليها: السُعَاة (الذين يُرسلهم الحاكم لجمع الزكاة مِمَّنْ وَجَبَت عليهم)، وكذلك الحُفاظ (الذين يقومون على حِفظ الزكاة)، وكذلك الذين يقومون بتقسيمها وتوزيعها على مُستحقيها، فهؤلاء يُعطَوْنَ من الزكاة، ولو كانوا أغنياء، لأنّ هذا حقهم الذي فرضه الشرع لهم (إلا أن يتنازلوا عنه لِأناسٍ آخرينَ في احتياجٍ لها).





ملاحظـات:

(1) ينبغي للسُعاة الذين يجمعون الزكاة أن يأتوا إلى بيت المال بكل ما يأخذونه، فقد بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والياً يجمع صدقات الأزد - وهي قبيلة من القبائل - فلما جاء إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم - أمسك بعض ما معه، وقال: هذا لكم، وهذا لي هدية، فغضب النبي - صلى الله عليه وسلم - وقال: " ألاَ جلستَ في بيتِ أبيكَ وبيتِ أمك حتى تأتيك هديتك إن كنتَ صادقا؟"، ثم قال: " ما لي أستعملُ الرجلَ منكم فيقول: هذا لكم، وهذا لي هدية؟ ألاَ جلسَ في بيت أمه ليُهدَى له، والذي نفسي بيده، لا يأخذ أحدٌ منكم شيئاً بغير حق إلا أتى اللهَ يَحْمِلُه "-(يعني أنه سيَلقى اللهَ تعالى يوم القيامة وهو يحمل هذا الشيء الذي أخذه)[43]، وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "مَن استعملناه على عملٍ، فرزقناه رزقا - يعني مَنحناهُ راتباً - فما أخَذَهُ بعد ذلك فهو غُلول" (والمقصود أنه مالٌ حرام)[44] ، (وأما بالنسبة لما يُعرَف في زماننا بـ (البَقشِيش)، وهو ما يُعطَى بطِيب ِنفس من المشتري للعامل، فإنه إذا كان ذلك الـ (بَقشِيش) يَضُرّ بمال صاحب العمل أو بمكانه فلا يَحِلُّ لَهُ أخذه، وإنْ لم يَكُن يَضُرّ فلا بأس).



(2) يُشْتَرَط في العاملين عليها:

أ) أن يكونَ مُسلِماً على الأرجح، لأنَّ هذا العمل يُعَدُّ ولاية على المسلمين (حيثُ إنَّ في هذا العمل شيءٌ من السُلطة والتحكم والتصرف)، فلا يُوَكَّلُ إلى غير المسلم.



ب) أن يكونَ مُكَلَّفاً (يعني بالِغاً عاقلاً).



جـ) أن يكونَ أمِيناً.



د) أن يكون جديراً مستحقاً لهذا العمل (كأنْ يكون صادقاً، صاحب َوَرَع، وما شابَهَ ذلك).



هـ) أن يكونَ عالِماً بأحكام الزكاة.





الرابع: المُؤَلَّفَةِ قلوبُهُم:

وهم الذين يُرجَى إسلامهم، أو قوة إيمانهم، أو كَفّ شَرّهِم عن المسلمين، واعلم أنه يدخل في هذا المَصرَف أيضاً: مَن أسلمَ مِن اليهود أو النصارَى، فقد سُئِلَ الزُهْريّ رحمه الله عن المُؤَلَّفَةِ قلوبُهُم فقال: " مَن أسلمَ مِن يَهودِيّ أو نَصرَانِيّ"، قِيل: وإنْ كانَ غنياً؟، قال: " وإنْ كانَ غنياً "[45].



• واعلم أنَّ المقصود بهذا المَصرَف: تقوية شوكة الإسلام، والحِفاظ على مكانته، واعلم أيضاً أنَّه يُرجِع هذا المَصرَف، (وتقدير ما يُعطَى فيه) إلى وَلِيّ الأمر، فقد يرى الإعطاء في وقتٍ يَحتاج فيه إلى ذلك، وقد يرى المَنْع لِعِزَّة الإسلام وقوته، وعدم احتياجه إلى أن يدفع شَرَّهُم بالمال.



قال الشيخ عادل العَزَّازي: (ولذا ففي زماننا هذا نحتاجُ إلى تحقيق هذا المَصرَف لتأليف قلوب مَن يدخلون في الإسلام، أو كَفّ مَن هُوَ شَرٌّ على المسلمين، أو حِماية الأقليَّات المسلمة في البلاد الفقيرة، وتثبيت قلوبهم على الدين، ونحو هذا مما نحن في حاجةٍ إليه في هذا الزمان، الذي تكالبَ علينا فيه الأعداء).





الخامس: في الرقاب:

والرقاب: جمع رقبة، وَهُم العبيد والإماء، والمقصود بقوله تعالى: " وفي الرقاب " أي: تحريرهم من العبودية، وليس معنى الآية أن نعطي العبيدَ مالاً، وإنما المقصود: تخليصهم من الرِقّ، واعلم أنَّ هذا المَصرَف يشمل الآتي:

1. المُكَاتَبون:

وهم الذين اشترَوا أنفسهم من أسيادهم لينالوا الحرية مقابل مالٍ يدفعونه على أقساط، فيُعَانُ هؤلاء بدفع هذه الأقساط، سواء أعطيناهُ في يَدِه لِيُوَفِي سيده، أو أعطينا سيده قضاءً عنه، وسواء عَلِمَ العبدُ بما دُفِعَ له أو لم يعلم.



2. شراء العبيد وإعتاقهم، وذلك لعموم الآية: (وفي الرقاب).



3. الراجح كذلك أن تُصرَف الزكاة لِفكّ الأسير المسلم (الذي وقعَ في يَدِ أعدائه)، لأنه إذا جازَ فكّ العبودية، ففكّ المسلمين المأسورين أولى، لأنه في مِحنَةٍ أشَدّ.





السادس: الغارمون (وَهُم المسلمون الذين عليهم ديون):

والغارمون: جمع غارم، (وهو الذي لَحِقَهُ الغَرَم وهو الدَيْن، وَيُسَمّى المَدِين)، وأما صاحب الدَيْن فيُقالُ عنه: الغريم أو الدائن، واعلم أنَّ الغارم نوعان:



الأول: الغارم لإصلاح ذات البَيْن: وهو الذي يُصلِح بين القبائل والعائلات المتشاجرة، وَيَلتزم في ذِمَّتِه مالا ًعِوَضَاً عَمَّا بينهما (كأن يدفع مبلغاً من المال لإرضاء إحداهما نظير الإصلاح بينهما، وكذلك إذا دفع نقوداً من أجل إعداد طعامٍ لجمع لقبيلتين معاً عليه حتى يَصطلحا، أو أن يأتي لهما بهَدايا أو غير ذلك)، فهؤلاء يُعْطَوْنَ مِن الزكاة - من أجل هذا الإصلاح - ولو كانوا أغنياء.



الثاني: الغارم لنفسه: وهو الذي استدانَ لشيءٍ يَخُصُّه، كأنْ يَستدِين لِفقر، أو لِعلاج، أو لِكِسوَة، أو لِزواج، أو لشراء أثاثٍ لبيته (وليس لتجديد أثاثه القديم)، ويُلاحَظ أنه يدخل تحت هذا القِسم أيضاً مَن نزلت بهم كوارث اجتاحت مالهم، كحريق أو سَيْل أو هَدْم، ولكنْ اعلم أنه يُشْتَرَط لهذا القِسم شروط:

(1) أن يكونَ المَدِينُ غيرَ قادِرٍ على قضاءِ دَيْنِه، حتى وإنْ كانَ عنده ما يَكفيه هوَ وعِيَالِه، (أو كانَ عنده تجارة يُتاجِرُ بها تَكفِيهِ وتكفي مَن يَعُولُهُم، ولكنْ لا يَتبَقى معه - بعد قضاء الحاجات الأصلية - ما يُوفِي به دَيْنَه)، فهذا يُقضَى عنه الدَيْن مِن مال الزكاة، وأما إنْ كانَ يَقدر على سداد بعض الدَين فقط، فإنه يُعانُ على سداد باقي الدَيْن (مِن مال الزكاةِ أيضاً).



(2) أن يكونَ قد استدانَ في غير معصية، فإنْ كانَ قد استدانَ في معصية، فلا يُعَانُ من الزكاة، إلا إنْ تابَ وظهر عليه صِدْق تَوْبَتِه، وكذلك مَن استدانَ لشيءٍ مُبَاحٍ - قد وَصَلَ إلى حَدّ الإسراف (الرفاهية) - فهذا لا يُعطَى أيضاً من الزكاة، لأنَّ اللهَ يقول: ﴿ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا ﴾[46]، واعلم أنه يَجُوز إعطاء المال للمَدِين ليقضي دَيْنِه بنفسه، كما يَجُوز إعطاء الدائن (صاحب الدَيْن) حقه مباشرة، خاصة إذا خَشِينَا أن يُفسِدَ المَدِين ما نُعطِيه له، ولا يَقضِي ما عليه.



السابع: في سبيل الله:

والمقصود بهذا المَصرَف: الإنفاق مِن أجل الجهاد، فيُنفق مِن مال الزكاة على المجاهدين، وعلى أسلحتهم، حتى ولو كانوا أغنياء، وعلى هذا فيدخل في ذلك المَصرَف: شراء الذخيرة والأسلحة، وإقامة المطارات الحربية، والنفقة على مَن يَدُلّ على الأعداء، وهذا هو مَذهَب الشافعية والمالكية والحنابلة، إلا أنَّ الشافعية والحنابلة اشترطوا أن يكون المجاهدون من المتطوعين (يعني من غير المجندين الذين لهم راتِبَ من خِزَانِة الدَوْلة)، وأما الأحنَاف فقد تَوَسَّعُوا في قولِهِ: (في سبيل الله) فرَأوْا جواز الإنفاق في جميع مصالح الخير والبرّ، ولكنْ هذا الرأي ضعيف، والراجح ما ذهبَ إليه الجمهور.



• هذا وقد ذهبَ ابن عمر وابن عباس - رضي الله عنه -ما، والإمام أحمد والحسن وإسحاق، وشيخ الإسلام ابن تَيْمِيَة إلى أنَّ الحج يدخل في هذا المَصرَف أيضاً، لأن الحج يُعتَبَر نوعٌ من أنواع الجهاد في سبيل الله، فكما ثبتَ في الحديث: (أفضلَ الجهاد حَجٌّ مبرور) [47]، وقد قالَ ابن تَيْمِيَة رحمه الله: (وَمَن لم يَحُجّ حَجَّة الإسلام وهو فقير، أعْطِيَ ما يَحُجّ به)، وَبُنَاءً على ذلك فالراجح عدم إخراج الزكاة في بناء المساجد، وإصلاح الطرق، وطباعة الكتب، بل يكون الإنفاق على ذلك مِن وجوهٍ أخرى غير الزكاة كالوَقف، والهِبَة، والوصية، والصدقة وغير ذلك.



الثامن: ابن السبيل:

وهو المسافر الذي انقطعت عنه نفقته، بأنْ ضاعت، أو نَفذتْ، أو أصابها شيء، فاحتاجَ إلى النفقة، فهذا يُعطَى من الزكاة بقدر ما يُوَصِّلُهُ إلى حاجته - التي سافرَ مِن أجلها - وَيُعَوِّدَهُ إلى بلده، حتى ولو كان غنياً، ذا مالٍ في بلده.



وَيُلاحَظ الآتي:

1- يُشْتَرَط في ذلك أن يكون سَفرُهُ مِن أجْل شيءٍ مشروعٍ أو مُبَاح، وأما إن كانَ السفر مِن أجْل معصية، فإنه يُؤمَرُ حينَئذٍ بالتوبة، فإن تابَ: أعْطِيَ من المال لبقية هذا السفر (الذي أصبحَ سفراً مُباحاً بعد إعلانه للتوبة).



2- اختلف العلماء في الذي يريد أن يُنشِئَ سفراً (كمَن يريد السفر للعمل، أو السفر من أجل شيء مباح، ولكنْ ليس معه تكاليف سفره)، (هل يُعطَى من الزكاة أم لا؟) فيَرَى الشافعية جواز إعطائِه، ويرى الآخرون أنه لا يُعطَى، لأنه لا يُطلَق لفظ: (ابن السبيل) إلا على الغريب، وهذا القول هو الراجح، ولكنْ يُمكِن أن يُقال أنه يجُوز لمَن أرادَ أن يُنشِئَ سفراً أنْ يُعطَى مِن سهم (مَصرَف) الفقراء والمساكين.



3- الراجح أنَّ ابن السبيل يُعطَى مِن مال الزكاة، حتى لو وَجَدَ مَن يُقرضُه، فحينئذٍ يُعطَى من الزكاة ولا يقترض، فإن كانَ قد اقترض، فإنه يأخذ من مال الزكاة ثم يَرُدّ المال الذي اقترضه لصاحبه.



تنبيه: المسلمون اللاجئون من بلدٍهم إلى بلدٍ آخر طلباً للحماية مِن سلطان ظالم أو غير ذلك، فهؤلاء يُعطَونَ من الزكاة إذا كانوا في احتياج لها (سواءً كانوا من الفقراء، أو من أبناء السبيل، أو من الغارمين).



مَنْ الذينَ تَحْرُمُ عليهم الصدقة (سواء كانت الصدقة الواجبة (وهي الزكاة)، أو كانت صدقة التطوع)؟

1. الأغنياء: فالغني يَحْرُمُ عليه أن يأخذ من الصدقة:

والمقصود بالغني: مَن عنده ما يَكفيه ويَكفي مَن يُعُولُهُم مِن مَسكَنٍ ومَلبَسٍ ومَأكَلٍ ونحو ذلك، وسواء مَلَكَ قيمة النِصَاب أم لا، المُهِمّ أن يكونَ عنده كفايته.



2. القادر المُكتَسِب: إلا أن يكون معذوراً بأن لا يجد عملاً يكفيه ويكفي مَن يعولهم، أو أن يجد عملاً ولكنه لا يتناسب معه، وقد تقدم بيان ذلك وشروطه في مصرف الزكاة للفقراء والمساكين.



3. آل النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - وَمَوَالِيهِم (وهم العبيد الذين كانوا يخدمونهم):

والمقصود بآلِ النبي - صلى الله عليه وسلم - الذين تَحْرُمُ عليهم الصدقة: بنو هاشم وبنو عبد المُطَّلِب، لكنهم يأخذون مِن خُمس الفَيْء (يعني مِن خُمس الغنائم في الحرب).



4. يَحْرُمُ إعطاء الزكاة للكافر أو المشرك:

ولكنْ يُسْتَثنَى مِن ذلك: المؤلَّفةِ قلوبهم كما تقدم، إلا أنه يَجُوز إعطاء غير المسلمين مِن الصدقات النافلة غير المفروضة، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: " تصدقوا على أهل الأديان "[48]، ولحديث أسماء حين قدِمَتْ عليها أمها وهي مشركة، فسألَتْ أسماءُ النبيَ - صلى الله عليه وسلم - عن صِلَتِها، فقال لها: "صِلِي أمك"[49].



ملاحظـات:

أ- بالنسبة للمرأة الفقيرة: إذا كانَ زوجُها غنياً فلا يَحِلّ له أن يُعطيَها من الزكاة، - طالما أنه لا يَبْخَلُ عليها، ولا على أولادها-، وذلك لأنها تغتني بغِناه، فكفايتُها على نفقته، وكذلك أولاده الذين تحت رعايته ونفقته، أما إذا كانَ زوجها بَخيلاً فقد قال الشيخ ابن عُثَيْمِين رحمه الله: (إذا كانت تحتَ غَنِيّ، لكنه مِن أبْخَلِ الناس، فتُعطَى من الزكاة لأنها فقيرة).[50].



ب- يُسْتثنَى من الأغنياء: خمسة أنواع يُبَاح لهم الأخذ من الصدقة مع أنهم أغنياء، وهم:

1. العامل عليها (لأنه قد يكون عاملاً عليها، وعنده كفايته وكفاية مَنْ يَعُولُهم، لكنه يُعطَى من الزكاة، لأنَّ الآية تشمله).



2. غارم - يعني عليه دَيْن - حتى لو كانَ عنده كفايته وكفاية مَنْ يَعُولُهم، لكنه لا يستطيع قضاء دَيْنه كما تقدم.



3. غازٍ في سبيل الله.



4. مسكين تُصُدِّقَ عليه بالزكاة فأهدَى منها الغَنِيّ.



5. رجلٌ غني اشترى الزكاة بماله، كأنْ تكونَ الزكاة ثِماراً أو أنعاماً، ثم باعها مَن أخذها مِن المستحقين لأحد الأغنياء، وعلى هذا فيَجُوز لمستحق الزكاة أن يُتاجر بالزكاة بعد أخْذِها وَتَمَلُّكِها، كما يَجُوز الشراء منه، ولو كان المشتري غنياً، إلا أنه يُكرَهُ لمن تصدق بصدقة على فقيرٍ ما أن يشتريها منه مرة أخرى.



♦♦♦♦

مسائـــل متعلقـــة بالزكـــاة
(1) هل يَجُوز للمرأة - إذا كانت غنية، وكانَ عندها مالٌ قد بلغَ النِصَاب - أن تُعطي زكاتها لزوجها الفقير؟

• الجواب: نعم يَجُوز للمرأة أن تعطي صدقتهالزوجها، وسواء كانت واجبة (وهي الزكاة)، أو كانت صدقة التطوع، وذلك على الراجح من أقوال العلماء، بل إنَّ الصدقة على زوجها أفضل مِن صدقتها على غيره، لأنه حينئذٍ يكونُ لها أجران: أجر القرابة، وأجر الصدقة.



(2) ما حُكم صَرْف الزكاة للأبَوَيْن والأولاد والزوجة؟

• الجواب: لا يَجُوز للزوج أن يُخرج زكاتَهُ لزوجته (حتى لو كانت فقيرة)، وذلك لأنَّ نفقتها واجبة عليه، فتستغنى بهذه النفقة عن الزكاة، وكذلك الحال بالنسبة للأبَوَيْن والأولاد والأجداد والأحفاد، (حتى لو كانوا فقراء)، إلا إذا كانوا غارمين، أو غازين في سبيل الله، أو أبناء سبيل، لأنهم في هذه الحالة يستحقون الزكاة لسببٍ لا تأثيرَ للقرابة فيه، إذ لا يَلزَمُهُ الإنفاق عليهم لتجهيزهم للغزو، أو لقضاء ديونهم أو نحو ذلك، إنما تَلزَمُهُ نفقة مَعِيشَتهم فقط كالمَأكل والمَسكَن والكِسوَة، على حسب قدرته المالية، كما قال تعالى: ﴿ لا يُكَلِّفُ اللهُ نفساً إلا ما آتاها ﴾[51]، وأما صَرْف الزكاة لسائر الأقارب، كالإخوة والأخوات والأعمام والأخوال، وكذلك الابن المتزوج - الذي أصبحَ يَعيش في مَعيشة مستقلة عن أبيه - إذا كانَ دَخلُهُ لا يَكفي حاجاته وحاجة مَن يعول، وَكذلك كُلّ مَن لا تَلزَمُهُ نفقتهم من الأقارب: فإنه يَجُوز دفع الزكاة إليهم، (إذا كانوا مستحقين لها، يعني مِن المصارف الثمانية للزكاة)، بل إنَّ الصدقة عليهم أفضل من الصدقة على غيرهم، فقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " صدقة ذي الرَحِم على ذي الرَحِم: صدقة وَصِلَة ".[52].



ولكن يُلاحَظ أنه إذا أعطَى زكاته لِوَلِيّ الأمر (الحاكم المسلم)، - أو لِوَكِيلٍ عنه - حتى يُخرجَها في مصارفها الشرعية، ثم قام ولي الأمر - أو الوكيل - بتوزيعها على الفقراء، فوقعت - قَدَرَاً - في يَد مَن تَلزَمُهُ نفقته فإنَّ ذلك لا يَضُرُّه.



(3) ما حُكم إعطاء الزكاة للكفار؟

لا يَجُوز إعطاء الزكاة للكفار المحاربين للإسلام، وكذلك أهلُ الذِمَّة (وهم غير المسلمين الذين لهم علينا عهد وذِمَّة بالأمان في بلادنا) فإنهم لا يُعطَوْنَ من الزكاة - على الراجح من أقوال أهل العِلم - لكنْ يَجُوز إعطاؤهم من الصدقات ونحوها من أنواع التبرعات.



• واعلم أنه ينبغي لِمَن وجبت عليه الزكاة أن يتحرى إعطاءَ زكاتِهِ لأهل الصلاح والعِلم، لكي يستعينوا بها على طاعة الله وطلب العلم، ولا يُعطِيها لمن عَلِمَ أنه يستعين بها على فِسق أو معصية، وذلك سَدَّاً للذريعة، فقد قال تعالى: ﴿ ولا تَعَاونوا على الإثم والعُدوان ﴾ [53]، وأما إنْ كانَ آخِذُ الزكاة مُسْتَتِرَ الحال، يعني لا يُعْلَمَ فِسْقُهُ مِن صلاحِه، فلا مانعَ حينئذٍ مِن صَرْف الزكاة إليه، إذ أنَّ الأصل: (حُسْن الظن بالآخرين، حتى يتبين خِلافُ ذلك)، وكذلك إن عَلِمَ أنه فاسْق، لكنه أرادَ أن يُؤلِفَ قلبه بالعطاء فلا مانِعَ مِن ذلك، فقد جعل اللهُ في أسْهُم الزكاة: سَهْم المُؤَلَّفة قلوبهم كما سبق.



قال ابن تَيْمِيَة رحمه الله: " ينبغي للإنسان أن يتحرى بها المستحقين من الفقراء والمساكين والغارمين وغيرهم من أهل الدِين، المُتَّبِعِين للشريعة، فمَن أظهرَ بدعة، أو فجوراً: فإنه يستحق العقوبة بالهَجر وغيره...، فكيف يُعانُ على ذلك؟!"[54] ، وقال أيضا: "فمَن لا يُصلي مِن أهل الحاجات: لا يُعطَى شيئاً حتى يتوب، ويلتزم أداء الصلاة"[55].





(4) ما هو الحُكم إنْ اجتهدَ في إعطاء الزكاة، فوقعَتْ في غير مُستَحِقِيها؟

قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " قال رجلٌ: (لأ تصدقنَّ بصدقة)، فخرج بصدقته فوضعها في يَدِ سارق، فأصبحوا يتحدثون: (تُصُدِّقَ الليلة على سارق)، فقال: (اللهم لك الحمد، لأتصدقنَّ بصدقة)، فخرج بصدقته فوضعها في يَدِ زانية، فأصبحوا يتحدثون: (تُصُدِّقَ الليلة على زانية)، فقال: (اللهم لك الحمد: على زانية!، لأتصدقنَّ بصدقة)، فخرج بصدقته فوضعها في يد غني، فأصبحوا يتحدثون: (تُصُدِّقَ على غني)، فقال: (اللهم لك الحمد: على سارق، وعلى زانية، وعلى غني!!)، فأتِيَ - (في المَنَام مثلاً) - فقِيلَ له: (أمَّا صدقتُكَ على سارق فلعله أن يَسْتَعِفَّ عن سرقته، وأما الزانية فلعلها أن تَسْتَعِفَّ عن زناها، وأما الغني فلعله أن يعتبر فيُنفِقَ مما أعطاه الله "[56].



• في هذا الحديث دليل على قبول صدقة المُخطِئ في صدقته، لكنْ هل هذا القبول يُجزئُهُ عن الزكاة، أم أنه يُطالَب بإخراج غيرها؟ اختلفت آراء العلماء في ذلك، والراجح مِن هذه الأقوال أنه إذا تَحَرَّى دَفع الزكاة إلى مستحقيها ثم أخطأ، فهو معذور ولا إعادة عليه، لأنَّ اللهَ تعالى لا يُكَلِّفُ نَفساً إلا وسعها، وأما إنْ كانَ خطؤه ناتجاً عن إهمالٍ منه وعدم تَحَرٍّ: فالزكاة لم تقع موقعها، فعليه الإعادة، والله أعلم.



(5) إذا سألَنا سائلٌ ورأيناهُ جَلْداً (يعني ذا جَسَدٍ قويّ، يتحمل مَشَقة العمل، ويصبر عليه)، فهل نُعطيه من الزكاة؟

قال الشيخ ابن عُثَيْمِين رحمه الله: (عِظْهُ أولاً، كما فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - عندما سأله رجلان ورآهما جَلْدَيْن: " إن شئتُما أعطيتكما، وَلاَ حَظَّ فيها - (أي: لا حَقَّ، ولا نصيبَ في الصدقة) - لِغَنِيّ، ولا لِقَوِيٍّ مُكْتَسِب [57] ثم إذا قبِلَ أن يأخذ الصدقة بعد الموعظة، - وكانَ لا يستحقها - فالإثم عليه، وليس على مَن أعطى الصدقة.



(6) إذا أعطينا الزكاة لِشَخصٍ ما، فهل نُخْبره بأنَّ هذهِ زكاة، أم لا نُخبرُه؟

فيهِ خِلاف بين العلماء، والأرجح عدم إخباره.



(7) إذا هَلَكَ المالُ الذي يَملِكُه أثناءَ مرور العام عليه: كأنْ يتلف المال، أو يغتصبه غاصب، أو حِيلَ بينه وبين ماله، فلا زكاة عليه، لأنه غير قادر على أداء الزكاة مِن نفس المال المغصوب أو المُتلَف أو المُنتَزَع منه، ولأنه كذلكَ لو كُلِّفَ إخراج زكاتِهِ لكانَ في ذلك حَرَجَاً له، وقد أسقطَ اللهُ الحرجَ عن صاحبه عندما قال: (وما جَعَلَ عليكم في الدِينِ مِن حَرَج).



(8) ما حُكم ضَيَاع الزكاة بعد عَزْلِها عن المال؟

إذا وَجَبَ عليه إخراج الزكاة، ثم عَزَلَ الزكاة عن المال، ثم تلفتْ أو ضاعتْ، أو سُرِقَتْ منه وهو ذاهِبٌ لإخراجها، فالراجح أنه يُطالَب بإخراج غيرها، لأنها في ذمته، وهذا هو مذهب ابن حزم الظاهِري حيث قال: (لأنها في ذمته، يوصلها إلى مَن أمَرَهُ اللهُ تعالى بإيصالها إليه).



(9) إذا لم تَفِ الزكاة بحاجة الفقراء، فقد وَجَبَ على الأغنياء القيام بكفاية الفقراء بما لابُدَّ لهم منه (كالمأكَل والمَلبَس والمَسكَن، وهذا قوْل ابن حَزم رحمه الله حيث ساق الأدلة على ذلك[58]، ومن هذه الأدلة: قولُهُ - صلى الله عليه وسلم -: " أطعِمُوا الجائع، وَعُدُوا المريض، وفكوا العاني - (أي: الأسير)"[59].



(10) إذا ماتَ الإنسان وعليه زكاة (لم يؤدها)، فإنها تُؤَدَّى مِن المِيراث قبل أنْ تُقسَّم التَرِكَة، لأنَّ الزكاة مثل بَقِيَّة الديون، تُقدَّم على الوَصِيِّة.



(11) هل يَجُوز تأخير الزكاة عن وقتها:

الأصل أنه يجب إخراج الزكاة على الفور، ولكن يَجُوز تأخيرها إذا كانَ هناك عُذر أو ضرر، ومثال العُذر: أن يكون ماله غائباً لا يتمكن من إخراج زكاته، ومثال الضرر: أن يكون هناك لصوص بين الفقراء، بحيثُ إنهم لو علموا أنه يُخرجُ زكاة: لَعَلِمُوا أنه صاحب مال فسَطَوْا عليه.



ولكنْ. . هل يَجُوز تأخير الزكاة، إن كان في التأخير مصلحة ولم يَكُن فيه ضرر؟

قال الشيخ ابن عُثَيْمِين رحمه الله: "الجواب: نعم. . . لكن بشرط أن يعزلها عن ماله، أو أن يكتب وثيقة يقول فيها: إنَّ زكاته تَحِلّ - مثلاً - في رمضان، ولكنه أخَّرَها إلى الشتاء من أجل مصلحة الفقراء - (كأنْ يأتي لهم بما يتدفأون به في الشتاء) -، وذلك حتى يكون ورثته على علم بذلك (إنْ هوَ مات قبل أن يؤديها) "[60].



(12) يَجُوز تقديم الزكاة عن وقت أدائها بشرط أن يكون المال قد بَلَغَ قيمة النِصَاب - خاصة إذا استدعت المصلحة لذلك، كأنْ يعلم مثلاً أنَّ أحد الأنواع الثمانية المستحقين للزكاة - أو بعضهم - في ظروف طارئة، أو في حاجة شديدة للمال، فإنه يجوز له أن يُخرِجُهَا قبل وقتها، وأما إذا لم يَبلُغ المال قيمة النِصَاب، ثم رأى أن يُخرج زكاته اعتماداً منه على أنه سوف يملك قيمة النِصَاب في المستقبل، فإن ذلك لا يُجزئُهُ عن أداء الزكاة.





ملحوظة: لو فرَضنَا أنَّ هناك شخصاً يمتلك مبلغاً وقدْرُه (30 ألف جنيه)، ثم امتنعَ عن أداء الزكاة لمدة خمس سنوات، بحيث لم يَنقص المال عن قِيمة النِصَاب في خلال هذه السنوات الخمس، فالراجح أنه يجب عليه زكاة خمس سنوات مضروبة في قيمة الزكاة، وقيمة الزكاة للسنة الواحدة هي: (30000 × 5. 2 % = 750جنيه)، فتكون الزكاة للسنوات الخمس هي: (750 جنيه × 5 سنوات) = 3750 جنيه، (ولكنْ يُلاحَظ أنه إنْ لم يستطع إخراج هذا المبلغ دُفعة واحدة، فإنه يَجُوز له أن يُخرجَه على دُفعات).





(13) الأفضل توزيع الزكاة على جميع الأصناف الثمانية المذكورين في الآية:

لكنه لو اقتصر على بعضهم، فإنَّ الزكاة تكون صحيحة أيضاً وهذا هو مذهب الجمهور، وهو الراجح، والله أعلم.



(14) يَجُوز أن يقوم هو بتوزيع زكاته بنفسه، وكذلك يجُوز أن يُوَكِّلَ أحد الناس (بأنْ يَدفعَهَا إليه ليقوم بتوزيعها):

والأفضل أن يقوم بتوزيعها هو بنفسه لينال أجر العبادة، وليطمئن إلى إبراء ذمتهِ (مِن أنها وقعت كاملة في مَحلّها)، خاصة إذا كان لا يُعرَف أنَّ له وكيلاً يوزع عنه الزكاة، وكذلك الحال بالنسبة للصُكُوك التي تقدمها البنوك لعملائها (على أن يقوموا بشراء الأضحية وذبْحِها نيابة عنهم)، فإنَّ الأحوَط والأوثَق أن يقوم بشراء الأضحية وذبْحِها هو بنفسه، ليطمئن إلى إبراء ذمتهِ.



(15) يجب عليه أن يَعقِد النية في قلبه عند إخراج الزكاة:

فينوي إخراجها عن ماله الخاص، سواء أخرجها بنفسه أو أخرجها عنه وكيله، وأما إذا أخرجها إنسان عن آخر، وكانَ هذا الآخر لم يوكله، لكنه أجَازَهُ بعد ذلك على إخراجه للزكاة (نيابة عنه)، فهل تُجزئُه الزكاة أم يُخرج غيرها؟



فيه قولان للعلماء، والأقرب للصواب أنها تُجزئُه، ولكنْ القول بأنها لا تجزئه هو الأحوط[61].





(16) الراجح أنه يَجُوز نقل الزكاة إلى فقراء يُقِيمُون خارج بلده: خاصة إذا غَلَبَ على ظَنِّه حدوث مصلحة أكبر إذا أخرجَ الزكاة لفقراء هذه البلد عَمَّا إذا أخرجها لفقراء بلده، كأنْ يكون الأبعدُ أشدَّ فقراً، أو مِن أقرباءه، أو أصلح حالاً (كأنْ يكون طالبَ عِلْمٍ مثلاً)، فإن لم يتعلق بنقل الزكاة مصلحة أو حاجة، فالأفضل أن يجعلها في أقرب الناس إليه، وذلك تقديماً لحقهم عليه عن غيرهم، ولأنَّ ذلك أيْسَر له، وأكثر أماناً واطمئناناً عن نقل الزكاة، ولأن الفقراء القريبون منه تعلقت أطماعهم بما عنده (خاصة إذا كان المال ظاهراً)، ولأنَّ ذلك أدعَى لِغَرْس المَحَبَّة والمَوَدَّة.



• واعلم أنه إذا نقلها إلى مكانٍ أخر، فإنَّ تكاليف النقل لا تُخصَم من مال الزكاة، وإنما هي على المُزَكِّي.[62].



(17) ما يُدفَع إلى ولاة الأمور (الحكومة) مِن رسوم، أو ضرائب، أو فواتير كهرباء، أو مياه، أو غير ذلك (بأيّ صُورَةٍ كانت): فإنَّ هذه الأموال لا تُحسَب من الزكاة المفروضة عليه، بل يجب عليه أن يُخرج زكاة ماله المتبقي (أي الذي تبقى بعد إخراج هذه الضرائب وهذه الرسوم)، وسواء أخِذَتْ منه هذه الأموال بحق أو بغير حق.



(18) يَجُوز لِوَلِيّ الأمر أن يستقرض الأموال لأهل الصدقات، ثم إذا جاءت الصدقة: رَدَّ الديون لأصحابها منها.



(19) يَجُوز إعطاء أصحاب الكفارات مِن مال الزكاة(إذا كانوا يستحقون الزكاة) وَكذلك مَن له دِيَة ولكنه لا يعرف القاتل.



فصــل في التَعَفُـف عـن السؤال والتَسَوُّل
ذكرنا - فيما سبق - ما يستحقه الفقير من زكاة المال، ومع ذلك فقد حَثَّ الشرع على التعفف، فقد ثبَتَ أنَّ ناساً من الأنصار سألوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأعطاهم، ثم سألوه فأعطاهم، حتى إذا نَفَذَ ما عنده قال: " ما يَكُنْ عندي مِن خيرٍ فلن أدَّخِرَهُ عنكم، وَمَن يَستعفِف يُعِفهُ الله، وَمَن يَستغنَ يُغنِهِ الله، وَمَن يتصبر يُصَبِّرْهُ الله، وما أعطِيَ أحدٌ مِن عَطَاءٍ خيراً وأوْسَعَ مِن الصبر "[63]، وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " لِأنْ يَغدُو أحدُكُم فيَحْتَطِب على ظهره - (يعني يَحمِل الحَطَب على ظهره) -، فيتصدق به - (يعني يتصدق بهذا المال على نفسه، بأن يكفي حاجاتِه وحاجة مَن يَعول) -، ويستغنِي عن الناس خيرٌ له مِن أن يسأل رجلاً أعطاهُ أو مَنَعَهُ، ذلك بأنَّ اليَد العُليا أفضل مِن اليَدِ السُفلَى، وابدأ بمَن تَعُول "[64]، وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " ليس الغِنَى عن كثرةِ العَرَض - (والعَرَض هو متاع الدنيا وحُطَامُها) -، إنما الغِنَى: غِنَى النفس"[65].



تحريم التَسَوُّل:

وقد شدد الشرع في تحريم المسألة والتَسَوُّل، فقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " ما يَزال الرجل يسأل الناس حتى يأتي يوم القيامة وليس في وجهه مُزعَة لحم - (يعني قطعة لحم)"[66].



• ومعنى أنه يأتي يوم القيامة وليس في وجهه قطعة لحم - كما قال القرطبي رحمه الله - أنه فيهِ قولان:

أحدهما: أنَّ هذا العبد - الذي جعل مسألة الناس حِرْفتَه، وسؤال الخلق مِن غير حَقٍ عادته - يأتي يوم القيامة وقد قطِعَ لحم وجهه، فيبقى عظماً مُجَرَّداً قبيح المنظر.

الثاني: أنه يأتي يوم القيامة لا قدْرَ له، ولا وَجْه ولا وَجَاهَة عند اللهِ تعالى[67].



• فالسؤال إذاً لا يَحِلُّ إلا إذا اضْطَرَّ الإنسان إليه، وقد سُئِلَ الإمام أحمد: (إذا اضطر الإنسان للمسألة؟)، فقال: (هي مُبَاحَة إذا اضْطَرَّ إليها)، قِيلَ له: (فإن تعفف)، قال: (ذلك خيرٌ له، الله يأتيه برزقه)، ثم قال: (ما أظنُّ أحداً يموت من الجوع، والله يأتيه برزقه).



إذَن: ما هي حالة الاضطرار التي يُباحُ عندها السؤال؟

اختلفَ أهلُ العِلم في تحديد حالة الاضطرار، وخُلاصَة هذا الخِلاف كالآتي:

1. أنَّ الإنسانَ لا يَسألُ وعندهُ قوتُ يَومِهِ وليلته (والقُوت هو الطعام الذي يكفيه ويكفي مَن يَعُولُهُم في ذلك اليوم دونَ إسراف).



2. ولكنْ هذا لا يَمنَع مِن أن يأخذ من الصدقة إن أعْطِيَ منها دونَ أن يسأل أحداً، لأنه محتاج، ومع هذا فإذا اضطر للسؤال: أبيِحَ له السؤال، لأنه قد يكون له حاجات، وتكون عليه التزامات لا يستطيع أن يَفي بها، فعندئذٍ يُبَاح له السؤال.



3. وعلى كل حال فالتعفف عن السؤال أفضل - كما سبق من كلام الإمام أحمد -، وعن ثَوْبَان - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " مَن يَتكفل لي أن لا يسأل الناس شيئاً، فأتكفل له بالجنة؟ "، فقال ثوبان: أنا، فقال - صلى الله عليه وسلم -: " لا تسألْ شيئاً "، زادَ ابن ماجة: " فكان ثوبان - رضي الله عنه - يقع سَوْطُهُ وهو راكب، فلا يقول لأحد: (ناولْنِيه)، حتى ينزل فيأخذه "[68].



♦♦♦♦

رابعاً: زكاة عروض التجارة (والعُرُوض: هي كل ما يُتاجَرُ فيه مِن سِلَعٍ وبضائع وعقارات وسيارات وغير ذلك):

حُكْمُها: ذهب جمهور أهل العلم إلى وجوب زكاة عروض التجارة، وهو الراجح.



ما هي شروط زكاة عروض التجارة؟

يُشْتَرَط في زكاة عروض التجارة ما يلي:

(أ) أن يكون مُمْتَلِكَاً لهذه العروض بأي وسيلة من وسائل التملك التام، كالشراء والهبة، والميراث وغير ذلك (على الأرجح)، فلا يكونُ مثلاً أميناً عليها، أو وكيلاً لصاحبها في إدارتها، أو غير ذلك.



(ب) أن ينوي بها التجارة، فإذا ملكها للادِّخار والاستعمال فإنها لا تكون عروض تجارة.



(جـ) أن تبلغ قيمة هذه العروض: قيمة نِصَاب الذهب أو الفضة (حسب الرأي الذي يأخذ به والأرجَح لديه).



(د) أن يَمُرَّ على هذه العروض: عام هجري كامل.



ملاحظـات:

1. إذا اشترى سيارة مثلاً - أو اشترى أرضاً للاستعمال الخاص، أو للبناء عليها، - وكانَ لا ينوي بها التجارة، ثم بَدَا له بعد ذلك أن يبيعها (لعدم الرغبة فيها، أو لأنه عُرضَ عليه ربحٌ وَفير إذا باعها)، فهذه (أي: السيارة أو الأرض) لا تكون عروض تجارة، لأنه لم يَشتَرِها أساساً للتجارة، فلا زكاة فيها، وأما إذا اشتراها للاقتناء، ثم بَدَا له بعد ذلك أن يُتاجرَ فيها، فإنها تصيرُ عروضَ تجارة مِن بداية نِيَّتِه، ويجب فيها الزكاة بعد مرور العام عليها إذا بلغت قيمة النِصَاب.



2. زكاة عُرُوض التجارة واجبة في كل عامٍ هجري (طالما أنها بلغت النِصَاب)، وهذا هو قول الجمهور، وهو الراجح.



3. إذا وَجَبَ عليه إخراج زكاة عُرُوض التجارة، فعليه أن يقوم بحساب تجاراتِهِ لِيُخرجَ زكاتها كالآتي:

أولا: يقوم بعملية جَرْد لهذه العروض بعد مرور العام الهجري: (وذلك بأن يَحسِب قيمة جميع ما لديه من السِلَع، بسعر الجُملة في هذا الوقت)(يعني بالسعر الذي اشترى به السلع، وليس بالسعر الذي يبيع به).



ثانياً: يحسب قيمة الأموال السائلة التي يمتلكها (كالذهب، والفضة، والنقود) (بشرط ألاّ يكون قد أخرجَ الزكاة على أحدهم في نفس العام)، ثم يضم كل ذلك إلى قيمة العروض (فإذا كانَ عنده مثلاً فضة وذهب ونقود، فإنه يحسب قيمة الذهب والفضة بالنقود كالآتي: (يضرب عدد جرامات الذهب التي عنده في سعر الجرام بالسوق (وكذلك الحال بالنسبة للفضة))، ثم يجمع عليهما النقود، ثم يضم كل ذلك إلى قيمة العروض، ثم يُخرج الزكاة على كل ما سبق، (25 جنيهاً لكل ألف جنيه)(يعني 5. 2% من إجمالي النقود التي عنده بعد الجمع)(أما إذا كان الشخص يتاجر في الذهب أو الفضة، فإنه يَجب عليه إخراج زكاة عروض التجارة فقط - إذا تحققت شروطها - ولا يَجب عليه إخراج زكاة الحُلِيّ، لأن الذهب أو الفضة هنا للتجارة فقط وليست للزينة)، ولكنْ هناك بعض التنبيهات الهامة جداً:

(أ) إذا كان له ديون عند الآخرين فهذه لا يُخرج عنها الزكاة (على الراجح كما سبق).



(ب) إذا كان عليه ديون للآخرين، فإذا كانت هذه الديون حَالَّة (أي: حانَ وقتُ سَدَادِها)، فإنه يؤدي هذه الديون لأصحابها، وليس عليه زكاة فيها، وأما إن كانت غير حالَّة (يعني لم يأتِ موعد سدادها بعد)، فإنه يضم هذه الديون - أو الجزء المُتاح منها (الذي تحت يده)- إلى قيمة العروض (لأنه عليه الزكاة على جميع ما تحت يديه من أموال).



(جـ) كل الأموال التي دفعها في خلال هذا العام مِن (ضرائب وجمارك، ورواتب للعمال، وأجرة محل، ومصاريفه الشخصية، ومصاريف بيته، ونحو ذلك)، فهذه كلها ليس عليه فيها زكاة.



4. (اعلم أنه ليس هناك زكاة على الأثاث (وهو المَحَلّ الذي يضع فيه العروض)، لأن الزكاة تكون على العروض فقط، (إلا لو كان هذا الشخص يتاجر في المَحَلاَّت نفسها، ففي هذه الحالة يكون على المَحَلّ زكاة، إذا بلغت قيمة المَحَلّ - أو المحلات التي يتاجر فيها - قيمة النِصَاب، وَمَرَّ عليها عام هجري)، وكذلك ما يُسَمَّى بالأصول الثابتة (كالآلات التي يستخدمها لنماء المال من ماكينات ونحوها، أو سيارة يَنقِل عليها ونحوها) فلا زكاة عليه فيها، وعلى هذا فمَالِكُ السيارة الأجرة (التاكْسِي أو غيره)، لا زكاة عليه في هذه السيارة، إنما الزكاة على الدَخل الذي يأتي له منها، إذا بلغ قيمة النِصَاب بعد عام من بداية شرائه واستعماله للسيارة.



5. لو تاجَرَ في سلعةٍ ما، ثم بَدَا له أثناء العام أن يُتاجرَ في سلعةٍ غيرها، فهل يَحسب العام الهجري من بداية تجارته في السلعة الأولى، أم من بداية تجارته في السلعة الثانية؟

الصحيح: أنه يبدأ العام من بداية التجارة في السلعة الأولى؛ لأن المُعتَبَر في التجارة: القيمة، وليس نوع السلعة.



6. يَجُوز إخراج زكاة عروض التجارة مِن العروض نفسها، كما يَجُوز إخراجها نقوداً، وهذا هو اختيار شيخ الإسلام ابن تَيْمِيَة رحمه الله.[69].



7. إذا اشترك اثنان في تجارةٍ ما، وكانَ نصيبُ كُلٍّ منهما في هذه التجارة لا يَبلُغ قيمة النِصَاب، (وقد يَبلُغ مجموع نصيبهما معاً: قيمة النِصَاب)، فلا زكاةَ على واحدٍ منهما حتى يُكمِلَ النِصَاب الخاصّ به، فمَنْ كَمُلَ نِصَابهُ: وَجَبَتْ عليه الزكاة دونَ الآخر.



ما هو حُكم المال المُستَفَاد - أي المُكتَسَب - أثناء مرور العام الهجري؟

عَلِمنا أنه إذا كان عنده مال لم يَبلغ قيمة النِصَاب فلا زكاة عليه، ولكنه إذا استفادَ - (أي اكتسب) -مالاًآخر مِن أيّ أنواع المال(كَرِبْح مال التجارة، وما تَلِدُهُ الأنعام أثناء العام، وغير ذلك)، فأضاف ذلك المال المُستَفَاد إلى ماله الذي لم يبلغ قيمة النِصَاب، فكَمُلَ به النِصَاب: فإنه يبدأ في حساب العام الهجري من وقت هذه الإضافة، فإذا مضى العام، ولم يَنقُص النِصَاب: وَجَبَ عليه إخراج الزكاة.



وأما إذا كان المال الذي عنده قد بلغ قيمة النِصَاب (قبل أن يُضاف إليه شيء)، وفي أثناء مرور العام الهجري عليه: اكتسبَ مالاً آخر، فكيف يَحسب زكاة هذا المال الزائد (الذي استفاده خلال العام)؟

اختلف العلماء في حساب زكاة هذا المال، والراجح مِن هذا الخِلاف هو ما ذهب إليه الجمهور.



حيث قسَّموا أحوال هذا المال الزائد إلى ثلاثة أقسام:

(1) أن يكون هذا المال المُستَفَاد ناتجاً من نفس نوع المال الذي عنده، كربح مال التجارة، وما تَلِدُهُ الأنعام أثناء العام، فهذا يَجب إضافته إلى أصل المال الذي عنده، ويُخرج الزكاة في آخر العام عن كل ما معه (الأصل مضافاً إليه هذه الزيادة المُستَفَادة أثناء العام)(يعني لا يُشتَرَط أن يمر عام هجري كامل على هذا المال الزائد، بل إنه يُحسَب مِن يوم أن أضيف إلى أصل المال، إلى أن ينتهي مرور العام الهجري على أصل المال).



(2) أن يكون هذا المال المُستَفَاد ناتجاً من نوع مال آخر غير نوع المال الذي عنده، كأنْ يكون عنده ذهب قد بلغ قيمة النِصَاب، ثم اكتسب أثناء العام فِضَّة، فهذه الفضة لا تُضَاف إلى الذهب الذي عنده، لأن الذهب والفضة جنسان مختلفان - على الراجح -، فإن كانت هذه الفِضَّة - التي اكتسبها - بالغة لقيمة النِصَاب أصلاً: فإنه يَحسب لها عاماً مستقلاً، وإن كانت أقل من قيمة النِصَاب: فلا شئ فيها (يعني لا يُخرج عنها زكاة).



(3) إذا كانَ عنده مثلاً أربعون من الغنم (مضى عليها جزء من العام الهجري)، ثم يشتري - أو يُوهَبُ له - مائة أخرى من الغنم، فهذا الغنم الزائد - (وهو المائة التي اكتسبها بالشراء أو بالهبة) - لا تجب فيها الزكاة حتى يمضي عليها عام كامل أيضاً، يعني يُخرج زكاة الأربعين في وقتها، وَيَحسب للمال المُستَفَاد عاماً كاملاً مُستَقِلاً، ثم يُخرج عنه الزكاة، وهذا هو رأي الحنابلة والشافعية، وأما أبو حنيفة فقد ذهب إلى أنَّ هذا المال المُستَفاد يُضاف إلى الأصل الذي عنده، ثم يُخرج الزكاة على المجموع(الأصل والمُستَفاد معاً) عند تمام العام (كما فعلنا في الحالة رقم 1).





أمثلة على المال المُستَفاد:

1. إذا كانَ عنده ذهب قد بلغ قيمة النِصاب، وفي أثناء مرور العام الهجري على الذهب اشترى عُرُوضاً للتجارة، فإنه يَعتبر هذه العروض مالاً مُستَفاداً، بمعنى أنه عندما يَكتمل العام الهجري الخاص بالذهب: فإنه يُخرج الزكاة على مجموع الذهب والعُرُوض معاً (وهكذا في كل نهاية عام هجري يمر على الذهب)، (وكذلك الحال إذا كانَ عنده ذهب بالغ النِصاب، ثم اكتسب نقوداً أثناء مرور العام عليه)(في كل ما سبق يُخرج الزكاة على الذي كَمُلَ نِصابَهُ أولاً، وَيَعتبر الآخر مُستفاد).



2. إذا اشترك اثنان في مضاربة، وذلك بأنْ دفعَ أحدهما مالاً (يبلغ قيمة النِصَاب) ليتاجر له الثاني فيه (يعني يستثمره له)، ثم رَبحَا في هذه المضاربة، وَكانَ أصل المال - الذي يستثمره الرجل الأول - قد مَرَّ عليه عام هجري، فإن الزكاة تجب على صاحب المال - وهو الرجل الأول - (على أصل ماله وعلى الربح الخاص به)، لأنه نِصَاب قد مَرَّ عليه عام هجري، ولأنَّ رِبْح التجارة يُسْتَثْنَي مِن شرط مرور العام الكامل عليه، فيُضاف على أصل رأس المال، وتُخرَج قيمة الزكاة لحاصل جمع أصل المال على الربح، وأما الرجل الثاني (وهو العامل المُضارب، الذي يستثمر للأول ماله) فلا زكاة على ربحه (إذا بلغ هذا الربح قيمة النِصَاب)، حتى يمر عليه عام هجري كامل.



♦♦♦♦

خامساً: زكاة الرِّكَاز:

أولاً: ما معنى الرِّكَاز؟

• الراجح من أقوال العلماء - وهو مَذهَب الجمهور - أنَّ الرِّكَاز يشمل كُلُّ مالٍ دُفِنَ في الأرض (كالآثار والذهب والفضة والنحاس والرصاص والآنية وغير ذلك)، بشرط أن يكون هذا المال مدفوناً مِن أيام الجاهلية - يعني ثبَتَ أنه قد دُفِنَ قبل الاسلام (بالتاريخ الذي عليه أو بغير ذلك) -، ثم وَجَدَهُ أحد الناس تلقائياً أثناء حفره في أرضٍ يَملِكُها (كأنْ يحفر مِن أجل وضع أساسٍ لبيته، أو مِن أجل عمل بئرٍ للمياه أو غير ذلك)، (أما إذا دفع نفقة معينة من أجل الحفَر خِصِّيصاً لإيجاد هذا الشيء المدفون: فإنَّ هذا الشيء لا يكونُ ركازاً، بل يُعامَل معاملة زكاة المال كما سبق).





• ولكنْ يُلاحَظ انه إذا كانَ قد اشترى هذه الأرض - التي وجد فيها الرِّكَاز - مِن أحد الأشخاص، وكانت هناك أدلة وأمارات تؤكد أنَّ هذا الركاز مِلْكٌ لِمَن اشترى منه الأرض، فإنه يُرجعُهُ لصاحبه لِيُخرج هو زكاته، وكذلك إذا كانت هذه الأرض مِلْكٌ للدولة، وكانَ قد استأجرها منها، فإنه يُرجع هذا الركاز للدولة لِتُخرجَ هي زكاته.



• وأما إذا عَلِمَ أنَّ هذا الشيء قد دُفِنَ بعد ظهور الإسلام: فإنَّه لا يُعامله معاملة الركاز، بل يُعامِلُه مُعاملة اللُّقَطَة (يعني يُعَرِّفه لمدة سَنة، فيُعلِن - قدرَ استطاعتِه بأي وسيلة من الوسائل - أنه قد وجد هذا الشيء، حتى يَصِلَ إلى صاحبه، فإن عَلِمَ صاحبه (بالعلامة والأمارة): وَجَبَ عليه أن يَرُدَّهُ إليه، وإنْ لم يَعلمْ له صاحب، فإنه يُصبحُ مِلكاً له، ويعامله حينئذٍ معاملة زكاة المال، لأنه ليس مِن دَفن الجاهلية) [70].





ثانياً: ما هو المقدار الواجب إخراجه في زكاة الرِّكَاز؟

قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "وفي الرِّكَاز: الخُمس" - (يعني يُخرج خُمس هذا الرِّكَاز الذي وَجَدَهُ للزكاة). [71]، وقد ذهب الجمهور إلى أنَّ هذا الخُمس يَجب على الشخص الذي وجد الرِّكَاز، سواء أكانَ مسلماً، أو كانَ ذِمِّيَّاً يعيش في بلاد المسلمين (وهذا تُلزِمُهُ الحكومة المُسلِمَة بأنْ يُعطِي خُمس الرِّكَاز الذي وجده لها لِتُخرجَهُ)، وسواء كانَ مَن وَجَدَ الرِّكاز صغيراً أو كبيراً، أو عاقلاً أو مجنوناً، وهذا هو الراجح لعموم قوله - صلى الله عليه وسلم -: "وفي الرِّكَاز: الخُمس"، واعلم أنَّ الحديث يَدُلّ بمفهومه على أنَّ الأربعة أخماس الباقين تكونُ مِلكاً لِمَن وَجَدَ الرِّكَاز.



ثالثاً: هل يُشْتَرَط للرِّكَاز نِصَاب معين؟

ظاهر الحديث: " وفي الرِّكَاز: الخُمس " عدم اشتراط النِصَاب، وهذا هو مذهب الجمهور، وعلى هذا فإنه يجب إخراج خُمس ما وجده مِن كنوز الجاهلية، سواء كان قليلاً أو كثيراً.



رابعاً: لِمَن تُصرَفُ زكاة الرِّكَاز؟

لم يحدد الحديث مَصرَف زكاة الرِّكَاز، ولذلك اختلف الفقهاء في مَصرَفِها: هل تُصرَف مَصرَف الزكاة (يعني للأصناف الثمانية المذكورين في سورة التوبة)، أم تُصرَف مَصرَف الفَيْء (أي: في المصالح العامة)؟



والصحيح من ذلك أن يُترَك الأمر حيث ما تقتضيه المصلحة، (يعني أنَّ مَصرَفها يرجع إلى رأي إمام المسلمين، يضعها حيثما تقضيه مصلحة الدولة) [72].



خامساً: ما هو وقت إخراج هذا الخُمس؟

ظاهر الحديث أنه لا يُشْتَرَط مرور العام الكامل على الرِّكَاز، بل متى وجد الرِّكَاز فقد وجب فيه الخُمس، وهذا لا خِلافَ فيه، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " وفي الرِّكَاز: الخُمس " ولم يَشْتَرِط له عاماً كاملاً.



♦♦♦♦

سادساً: زكـــاة الأنعـــام:

والمقصود في هذا الباب: زكاة الإبل، والبقر، والغنم فقط، لأنه لم تنص الأحاديث على وجوب زكاة شيء آخر غير ما ذكِر، فلا زكاة في شيء آخر من الحيوانات، كالطيور، والدواجن، والخيل، والحمير، والأرانب، وغير ذلك، مهما بلغت أعدادها - إلا ما أعِدَّ منها للتجارة فذلك يدخل تحت زكاة عروض التجارة - ولكنْ يُشتَرَط لزكاة الأنعام شروط:

1. أن تَبلُغ قيمة النِصَاب (وسيأتي تفصيل ذلك).

2. أن يَمُرَّ عليها عام هجري كامل.

3. أن تكون هذه الأنعام سائِمة (يعني غير مَعلُوفة (لا تأكل العَلَف))، فإذا كانت معلوفة: فالراجح الذي ذهب إليه الجمهور أنه لا زكاة فيها، وأما إن كانت هذه الأنعام قد أعِدَّتْ للتجارة فإنها تدخل تحت زكاة عروض التجارة (حتى لو كانت معلوفة)، ولكنْ يُلاحَظ أنه إذا كانَ لديه أرضٌ يزرعها، ثم رَعَى فيها مواشيه، فإنَّ هذه المواشي تُعتَبَر معلوفة وليست سائمة (يعني ليس عليها زكاة - على الراجح)، لأن السائمة - (التي فيها الزكاة) - هي التي تُرعَى في العُشْب - الذي يَنبُت بدون فِعلِنا وَحَرْثِنا - وذلك في المراعي الطبيعية التي ليست مِلكَاً لأحد.

وفيما يلي بيان لقيمة نِصَاب زكاة الإبل والغنم والبقر، ومقدار زكاتها:

أ - زكاة الإبل:

حَدَّدَ الشرع مقدار الزكاة للإبل إذا بلغت نِصَاباً، والجدول الآتي يوضح بيان الأنصبة ومقادير الزكاة:

م

النِصَاب

مقدار الزكاة الواجب إخراجها (إذا بلغت الإبل هذا النِصَاب)

1

إذا بلغ عدد الإبل الذي يملكه من(1-4)

لا زكاة فيها، إلا إذا شاءَ صاحبها أن يُخرجَ منها صدقة التطوع

2

إذا بلغ عدد الإبل الذي يملكه من(5-9)

يُخرج عنهم شاة (والشاة هي الضأن أو الماعز)

3

إذا بلغ عدد الإبل الذي يملكه من(10-14)

يُخرج عنهم شاتان

4

إذا بلغ عدد الإبل الذي يملكه من(15-19)

يُخرج عنهم ثلاث شِيَاه

5

إذا بلغ عدد الإبل الذي يملكه من(20-24)

يُخرج عنهم أربع شِيَاه (واعلم أنه يَجُوز أن يُخرجَ بَعيراً مكان الأربع شِيَاه على الراجح، وذلك مِن باب التَيسير على المالِك)

6

إذا بلغ عدد الإبل الذي يملكه من(25-35)

يُخرج عنهم بنت مَخَاض أنثى، (وبنت المَخَاض: هي أنثى الإبل التي أتمت سَنَة، ودخلت في الثانية)

7

إذا بلغ عدد الإبل الذي يملكه من(36-45)

يُخرج عنهم بنت لَبُون أنثى، (وبنت اللَبُون: هي أنثى الإبل التي أتمت سنتين، ودخلت في الثالثة)

8

إذا بلغ عدد الإبل الذي يملكه من(46-60)

يُخرج عنهم حِقة، (والحِقة: هي أنثى الإبل التي أتمت ثلاث سنوات، ودخلت في الرابعة)

9

إذا بلغ عدد الإبل الذي يملكه من(61-75)

يُخرج عنهم جِذعَة، (والجِذعَة: هي أنثى الإبل التي أتى عليها أربع سنوات، ودخلت في الخامسة)

10

إذا بلغ عدد الإبل الذي يملكه من(76-90)

يُخرج عنهم عدد 2بنت لَبُون

11

إذا بلغ عدد الإبل الذي يملكه من(91-120)

يُخرج عنهم حِقتان

ملاحظات:

(1) إذا زاد عدد الإبل الذي يملكه عن (120): فإنه يُخرج عن كل (40) منهم: بنت لَبُون، وعن كل (50) منهم: حِقة، وذلك بأن يُقَسِّم عدد الإبل إلى العددين (40 و50)، يعني إلى (أربعينات وخمسينات) كالآتي:

• إذا بلغ عدد الإبل 130، فإنَّ زكاتها تكون كالآتي: 130 = (2×40) + (50) = 2 بنت لَبُون + حِقة.

• إذا بلغ عدد الإبل 140، فإنَّ زكاتها تكون كالآتي: 140 = (2×50) + (40) = 2 حِقة + بنت لَبُون.

• إذا بلغ عدد الإبل 150، فإنَّ زكاتها تكون كالآتي: 150 = (3×50) = ثلاث حقات.

• إذا بلغ عدد الإبل 160، فإنَّ زكاتها تكون كالآتي: 160 = (4×40) = 4 بنت لَبُون.

• إذا بلغ عدد الإبل 170، فإنَّ زكاتها تكون كالآتي: 170 = (3×40) + 50 = 3 بنت لَبُون + حِقة.

• إذا بلغ عدد الإبل 180، فإنَّ زكاتها تكون كالآتي: 180 = (2×50) + (2×40) = حِقتان + 2 بنت لَبُون.

• إذا بلغ عدد الإبل 190، فإنَّ زكاتها تكون كالآتي: 190 = (3×50) + (40) = ثلاث حقات + بنت لَبُون.

• إذا بلغ عدد الإبل200، فإنَّ زكاتها تكون كالآتي: 200 = (4×50) = أربع حقات، أو (5×40) = 5 بنت لَبُون.

(2) إذا وجب على صاحب الإبل إخراج سِنَّاً معيناً من الإبل (كما وَضَّحنا في الجدول السابق)، ولكنه لم يجد عنده إلا السن الأقل منه مباشرة (كأن يكون عليه إخراج جذعة لها (4 سنوات) فلم يجد هذا السن عنده، ولكنه وجد عنده حِقة لها (3 سنوات))، أو (كان قد وجبت عليه حِقة لها (3 سنوات)، فلم يجد هذا السن عنده، ولكنه وجد عنده بنت لَبُون لها (سنتان)، أو (وجبت عليه بنت لَبُون لها (سنتان) فلم يجد هذا السن عنده، ولكنه وجد عنده بنت مَخَاض لها (سَنَة))، ففي هذه الحالة يُقبَلُ منه السِنّ الأدنَى الذي عنده، وَيَلزَمُهُ معه أن يُخرج شاتَيْن، أو أن يدفع قيمة الشاتين (أيهما دُفِعَ: فإنه يُقبَل منه) [73]، واعلم أنَّ هذا الفِعل يُسَمَّى: (جُبرَان) (يعني كأنه يَجبُر النقص الذي عنده).


(3) وعكس ما تقدم يُقال لِمَن وَجَبَ عليه السن الأقل، فلم يجد عنده إلا السن الأعلى منه مباشرة؛ (كمَن وَجَبَ عليه إخراج بنت مَخَاض، فلم يجد هذا السن عنده، ولكنه وجد عنده بنت لَبُون)، أو (وجب عليه إخراج بنت لَبُون، فلم يجد هذا السن عنده، ولكنه وجد عنده حِقة)، أو (وجب عليه إخراج حِقة، فلم يجد هذا السن عنده، ولكنه وجد عنده جذعة)، ففي هذه الحالة يُقبَلُ منه السن الأعلى، ويأخذ من الساعي - مقابل هذه الزيادة - شاتَيْن، أو ياخذ منه قيمة الشاتين (أيهما فَعَلَ الساعي، والساعي هو الذي يُحَصِّل الزكاة مِن أصحابها، ويُسَمَّى المُصَدَّق، وُيشبِهه وظيفة مأمور الضرائب في عصرنا).



(4) وأما إذا لم يكن عنده السن الأدنى مباشرة من السن المطلوب إخراجه، ولا الأعلى منه مباشرة، بل وجد عنده أدنى الأدنى، أو أعلى الأعلى، فإنه يُكَلَّف بإحضار السن المطلوب إخراجه، ومثال ذلك: (كمَن وجب عليه إخراج جذعة، فلم يجد هذا السن عنده، ولم يجد أيضاً السن الأقل منه مباشرة (وهو الحِقة)، ولكنه وجد عنده أدنى الأدنى (وهو بنت لَبُون)، فإنه لا يُؤخَذ منه بنت لَبُون، ولكنه يُكَلَّف بإحضار السن المفروض عليه)، وكذلك (مَن وجب عليه إخراج بنت مَخَاض فلم يجد هذا السن عنده، ولم يجد أيضاً السن الأعلى منه مباشرة (وهو بنت لَبُون)، ولكنه وجد عنده أعلى الأعلى من السن المطلوب: (وهو الحِقة) أو وجد عنده (جذعة)، فلا تُؤخَذ منه، ويُلزَم بإحضار المفروض عليه، إلا إن يُعطِي أعلى الأعلى (وهو الحِقة، أو الجذعة) عن طِيب نفس).



(5) مَن وَجَبَ عليه إخراج زكاة الإبل، فالواجب أن يُخرجَها على النَحْو الذي سبق، ولا يُجزئُهُ أن يدفع قيمة الإبل المفروضة عليه، وكذلك لا يُجزئه أنْ يُخرجَ بديلاً عن الشيء المطلوب منه (كأنْ يُخرج بَقرَاً مكان الإبل المطلوب)، ويرى ابن تيمية رحمه الله جواز إخراج القيمة للحاجة والمصلحة، مثل أن تجب عليه شاة (في زكاة الإبل)، وليس عنده شاة، فإخرج القيمة كافٍ، ولا يُكَلَّف السفر لشراء شاة، أو أن يكون المستحقون للزكاة قد طلبوا القيمة، لكونها أنفع لهم فهذا جائز[74]، قال الشيخ عادل العزَّازي: (والأوْلَى عدم تَكَلُّف - أي عدم التساهُل في - إخرج القيمة إبراءً للذمة، وخروجاً من الخِلاف)، وكذلك الحال في زكاة الزروع، فإنها لا تُخرَج قيمة إلا للحاجة.



ب - زكـاة الغنـم:

أول نِصَاب الغنم: أربعون شاة، تشمل: (الضأن والماعز، الذكر والأنثى)، ويكون مقدار الزكاة على النحو التالي:

م

النِصَاب

مقدار الزكاة

1

إذا بلغ عدد الغنم الذي يملكه من (1-39) شاة

لا زكاة فيها، إلا إذا شاءَ صاحبها أن يُخرجَ منها صدقة التطوع

2

إذا بلغ عدد الغنم الذي يملكه من (40-120) شاة

يُخرج عنهم شاة

3

إذا بلغ عدد الغنم الذي يملكه من (121-200) شاة

يُخرج عنهم شاتان

4

إذا بلغ عدد الغنم الذي يملكه من (201-300) شاة

يُخرج عنهم ثلاث شِيَاه



• أما إذا زاد عدد الغنم الذي يملكه عن (300) شاة: فإنه يُخرج عن كل (100) شاة منهم: " شاة واحدة " (وظاهر ذلك أنَّ الشاة الرابعة لا تجب إلا عندما يكتمل ما عنده: (400) شاة، وعلى هذا فإنه يجب ثلاثة شِيَاه حتى العدد: (399) شاة، فإذا بلغ العدد الذي عنده: (400) شاة، فإنه يُخرج أربع شياه حتى العدد: (499) وهكذا.

• وَيُلاحَظ أن الزكاة تجب على السائمة منها - أي غير المعلوفة - بعد أن يمر عليها العام، ويُلاحَظ أيضاً أنه تجب الزكاة في الأنصبة السابقة (سواء كانت كلها ماعزاً، أو كان كلها ضأناً، أو كان بعضها ماعزاً وبعضها ضأناً).

• الشاة التي تجب في زكاة الغنم هي: " الثَنِيَّة " من الماعز (وهي التي أتمت سنة، ودخلت في الثانية)، و"الجذعة" من الضأن (وهي التي لها أقل مِن سَنَة (قيل: ستة أشهر، وقيل: ثمانية أشهر))، واعلم أنّه يجوز أن تكون الشاة - التي يجب إخراجها-: (ضأناً أو ماعزاً، ذكراً أو أنثى)، وسواء أعطى هذه الشاة من غنمه، أو مِن غير غنمه (سواء بالشراء أو بالاقتراض أو بغير ذلك)، (ما لم تكن هَرمَة (يعني كبيرة جداً في السن)، أو بها عيب، أو تَيْسَاً) (إلا أن يشاء الساعي).

• لا يأخذ الساعي كرائم الأموال (أي أفضلها وأحسنها في الغنم):كَالرَبِيّ (وهي التي تَلِد بكثرة)، والأكُولَة (وهي السمينة)، والماخِض (وهي الحامل، أو التي طرَقهَا الفحل)، وكذلك فحل الغنم، إلا أن يشاء صاحبها، وإنما يأخذ الثَنِيَّة من الماعز، والجِذع من الضأن.

ج - زكـاة البقــر:

أما زكاة البقر فإنه لا زكاة فيها حتى تبلغ ثلاثين بقرة (سواء كانَ هذا البقر ذكوراً، أو إناثاً، أو كانَ ذكوراً وإناثاً)، وذلك بعد أن يمر عليها عام كامل، ثم يُخرج عن كل 30 بقرة منهم: (تبيعاً أو تبيعة)، والتبيع: هو ما له سَنَة من البقر، ويُخرج من كل 40 بقرة: (بقرة مُسِنَّة)، (والمُسِنَّة: هي ما لها سنتان من البقر)، وهذا هو قول الجمهور، وذلك بأن يُقَسِّم عدد البقر الذي عنده إلى العددين (30 و40)، يعني إلى (ثلاثينات وأربعينات) كالآتي:

• إذا بلغ عدد البقر الذي عنده 60 بقرة، فإنَّ زكاتها تكون كالآتي: 60 = (2 × 30) = تَبِعَان.

• إذا بلغ عدد البقر الذي عنده 70 بقرة، فإنَّ زكاتها تكون كالآتي: 70 = (30 + 40) = (تَبِعَة + مُسِنَّة).

• إذا بلغ عدد البقر الذي عنده 100 بقرة، فإنَّ زكاتها تكون كالآتي: 100 = (2 × 30) + 40= (تَبِعَان + مُسِنَّة).



• ولكنْ اعلم أنه لو قدِّرَ أن يكون عنده مثلاُ: 65 بقرة، فإنه يُخرج الزكاة عن السِتين بقرة (كما سبق)، ولا تَجب عليه زكاة في الخمس بقرات الزائدة عن الستين.

ملاحظات:

1. اختلف العلماء في البقر: (هل لابد أن تكون سائمة - يعني غير معلوفة -، أم لا يُشْتَرَط ذلك؟)، والراجح أنها لابد أن تكون سائمة مثل باقي الأنعام.

. ليس في البقر جُبران كالإبل، فإذا لم يكن عنده السن الواجب إخراجه: وَجَبَ عليه إحضاره (سواء بالشراء أو بالاقتراض أو بغير ذلك)، فلا يُؤخَذ منه الأقل سنأ، وكذلك لا يُؤخَذ منه الأكبر سناً (إلا إذا أعطاها بطِيب نفس).

3. يَجُوز أن يكون التبيع أو المُسِنَّة ذكراً أو أنثي.

4. يُلاحَظ أنَّ الجاموس نوع من أنواع البقر، فإذا كان يمتلك جَوَامِيس وبقر معاً: فإنه يضم أحدهما إلى الآخر لِيُكمَل النِصَاب - كما هو الحال في الضأن والماعز -، ثم تُؤخَذ الزكاة بعد مرور العام الهجري.

5. بالنسبة لِحُكم زكاة العُجُول والفِصلان (وهو جمع فصيل) والحِملان (وهو جمع حَمَل)(والمقصود بهم: صغار المواشي)، فإنَّ لها حالتان:

أ. أن يمتلك الشخص نِصَاباً من الإبل، أو البقر، أو الغنم، ثم تُنتِج - أي: (تَلِد) - هذه الأنعام أثناء العام الهجري: فالزكاة تَجب على مجموعهم عند آخر العام - في قول أكثر أهل العلم -، يعني تُعَدُّ الصغار مع الكبار عند تقدير النصاب، ولكنْ لا تُخرَج الزكاة من الصِغار، وإنما تُخرَجُ من الكبار فقط.

ب. أن يمتلك نِصَاباً كله من الصِغار، ومر عليه العام: فقد ذهب فريق من العلماء إلى أنه لا زكاة عليه، وذهب الجمهور إلى أنه تجب الزكاة في الصغار فتُخرَجُ منها صغيرة. (وهذا القول هو الراجح).

وقد جمع ابن تَيْمِيَة رحمه الله بين هذه الأقوال وبعضها، فقال: (. . . فإنْ كان الجميع صغاراً، فقيل: يأخذ منها - أي يُخرج الزكاة من الصِغار -، وقيل: يشتري كباراً).[75].


6. الراجح من أقوال العلماء أنَّ الخُلطة لها تأثير في وجوب الزكاة (وذلك بتقليل القدر الواجب أو تكثيره) (كأن يكونهناك ثلاثة جيران مثلاً، وكانَ لكل واحدٍ منهم: أربعون شاة، فالمُفتَرَض أن يُخرج كل واحدٍ منهم: شاة، (يعني يُخرجون جميعاً ثلاثة شِيَاه)، ولكنهم يَجمَعُون غنمهم عندما يأتي الساعي لأخْذ الزكاة ليكون المجموع:مائة وعشرين شاة، فيُخرجون شاة واحدة فقط (انظر جدول نِصَاب الغنم)، أو (أن يكون الخلطاء رجلان، ويكون مجموع ما يملكونه: أربعون شاة، ولكنهم يُفرِّقون غنمهم عندما يأتي الساعي لأخْذ الزكاة، فيأخذكل واحد منهما: عشرين شاة، فحينئذٍ لا يجب عليهم أمام الساعي زكاة، وفي الحقيقة أنَّ عليهما: شاة (كما بالجدول)، (وهذا احتيالٌ مُحَرَّم)، ولذلك فإنَّ التجميع والتفريق - إذا كانَ بغرض التحايل والهروب من الزكاة - فإنه يكونُ مُحَرَّمَاً، ويستحق فاعله العقوبة.


تنبيــــهات:

(1) قال الشيخ ابن عُثَيْمِين رحمه الله: (الخُلطة لا تأثير لها في غير بهيمة الأنعام)، ثم أوْرَدَ على ذلك مثالاً:

(إذا اشترك شخصان في مزرعة - أو في تجارة -، وكان مجموع مال الشخصين يبلغ قيمة النِصَاب، ولكنْ نصيبُ كل واحد منهما لم يبلغ قيمة النِصَاب، فلا زكاة عليهما).[76].

(2) اعلم أنَّ زكاة الأنعام تُؤخَذُ من أماكنها، وذلك بأن يذهب الساعي إليهم، ولا يُطالَبُ صاحب االأنعام بِجَلْب مَوَاشِيه إلى الساعي.

♦♦♦♦

سابعاً: زكاة الزروع والثمار:

(1) ما هي الأصناف التي يجب فيها زكاة الزروع؟

الأصناف التي وردت بها النصوص في وجوب الزكاة عليها أربعة وهي: الحِنطة(وهي القمح) والشعير والتمر والزبيب.



واعلم أنه قد تنازع الفقهاء فيما عدا هذه الأربعة على أقوال كثيرة، وَلَعَلَّ أرْجَح هذه الأقوال - والله اعلم - أنَّ الزكاة واجبة في كل ما يُقتَات وَيُدَّخَر من الزروع والثمار (يعني في كل ما يُطعَمُ ولا يَفسَدُ بالادِّخار، مثل (الذرة والأرز وغير ذلك من الحبوب)، وعلى هذا فلا زكاة في الخضروات ولا الزيتون ولا الفواكه(باستثناء الرُطَب (وهو البلح)، وكذلك العنب (لأنه بالادّخار يتحول إلى زبيب)).

ما هي قيمة نِصَاب زكاة الزروع والثمار؟

الصحيح من ذلك - وهو قول جمهور العلماء - أنَّ نِصَاب الزروع والثمار: خمسة أوْسُق (يعني خمسين كِيلَة، وهو ما يُعادل: (4 أرْدَبّ وَسُدس)، وهو ما يُعادل أيضاً: (647) كيلو جرام تقريباً)، وَيُلاحَظ أنَّ هذا النِصَاب يُقدَّر بعد تصفية الحبوب من قشورها، وكذلك يُقدَّر بعد جفاف الثمار، فلو كان عنده مثلاً عشرة أوسُق من العنب، ولكنها بعد أن جَفّتْ. . خرجَ منها أقلّ مِن خمسة أوْسُق زبيب، فإنه لا يَجب عليه فيها شئ، لأنها لم تَبلغ قيمة النِصَاب، وهو الخمسة أوْسُق[77]، ولكنه إذا أرادَ ادِّخَار الثمر بقشره، فالأرْجَح أن يُقدِّرَ الثِقات من أهل الخبرة المقدار الذي يَخرج من هذا الثمر إذا صَفَّيْناهُ من القشور، فلو قُدِّرَ بخمسة أوْسُق أو أكثر. . وجب عليه الزكاة في هذه الثِمار.[78].

ما هو المقدار الواجب إخراجه في زكاة الزروع؟

يجب إخراج العُشر (يعني 10% من إجمالي هذه الزروع أو الثمار التي عنده) بشرط أن تكون قد سُقِيَت بغير تكلفة، كالنبات الذي يَشرب من الأمطار ومياه الأنهار، وكذلك النبات الذي يَشرب بعروقه الطويلة من أي مكان بجانبه، فيستغنى بذلك عن السُقيَة (مثل النخل)، وأما إذا كانت هذه الزروع أو الثمار قد سُقِيَت بتكلفة (كأنْ تُسْقى بآلات الرَيّ وغيرها)، فإنه يجب إخراج نِصف العُشر (يعني 5% فقط من قيمة هذه الزروع أو الثمار التي عنده)، وهذا هو مذهب الأئمة الأربعة ولم يخالفهم في ذلك أحد.

متي يَجب إخراج زكاة الزروع والثمار؟

الصحيحأن الزكاة تجب إذا ظهر الصلاح والنُضج في الثمرة، وذلك بأنيَشتَدّالحَبّ، أو يَحْمَرّ التمر - فهذا هو وقت الوجوب -، وأما وقت إخراج الزكاة فيكون بعد تصفية الحب من القشور وَدَرْسِه (والدَرْس هو فصل الحب عن القشور عن طريق مكنة معينة مُعَدَّة لذلك)، وكذلك بعدأن يَجف التمر.

واعلم أنه يَصِحّ لمالك الزرع أن يتصرف في زرعه - الذي بلغ قيمة النِصَاب - بالبيع والهبة وغير ذلك، فإذا باع الثمار - أو وهبها - بعد ظهور صلاحها ونُضجها - يعني بعد أن وجبت فيها الزكاة -، فالصحيحأنَّ الزكاة تجب على البائع (وهو المالك الأصلي للثمرة، الذي باع زَرْعَه)، لأن الزكاة قد وَجَبَتْ على الثمار وهي في مِلكِه (يعني قبل أن يبيعها)، وفي هذه الحالة يجب عليه أن يشتري ثماراً بنفس قيمة الزكاة ويُخرجها، أو يُخرج قيمتها نقوداً مِن باب التيسير عليه، وأما لو باع الزرع قبل ظهور صلاحه، ثم ظهر صلاحه فى يد المشترى - أو الموهوب له - فإنَّ زكاته تكون واجبة على المشتري (هذا في حالة بلوغ الكمية التي اشتراها قيمة النِصاب)[79].


• واعلم أنه إذا تلفت الزروع أو الثمار بغير أن يتسبب هو في إتلافها، وبغير تفريطٍ منه فلا تجب عليه الزكاة فيها، وأما إن أتلفها هو - بعد وجوب زكاتها - بتفريطٍ منه:لم تَسقط عنه الزكاة، ويجب عليه أداؤها، فإذا ادَّعَى أنها تلفت مِن غير تفريطٍ منه فالراجح أنَّ قوْلَهُ يُقبَل مِن غير أن يَحلِف، فقد قال الإمام أحمد رحمه الله: (لا يُستَحلَف الناس على صدقاتهم).
مسائل متعلقة بزكاة الزروع والثمار:

1. الزكاة واجبة على صاحب الزرع (سواء كان هو مالِك الأرض التي يزرعها، أو كانَ قد زَرَعَهَا بمعاملة جائزة (كالإيجار والهبة)، أو بمعاملة غير جائزة (كأن يكون غاصِباً للأرض))، وأما إذا كانَ بين صاحب الأرض وصاحب الزرع مُزارَعَة (وهي نوع من أنواع المشاركة بينهم) (كأنْ يدخل مثلاً صاحب الأرض بأرضه، على أن يتولى الزارع زراعة هذه الأرض مُتَحَمِّلاً تكاليف زراعتها (مِن الحَرث والرَيّ والحَصَاد والجَمْع ونحو ذلك)، ثم يقتسمان الثمار بعد حصادها حسب الاتفاق الذي تَمَّ بينهم)، فإذا أخذ كل واحد منهما نصيبه من الثمار: أخْرجَتْ زكاة كل منهما (إذا بلغ نصيب كل واحد منهما النِصَاب على حِدَه)، فإذا لم يبلغ نصيب الواحد نِصَاب الزكاة فلا زكاة عليهما (إذا لا تأثير للخُلطة إلا في الأنعام - على الراجح - كما سبق).



2. تَجِب زكاة الزروع والثمار على كل صنف من الأصناف الواجب فيها الزكاة - على حِدَه - إذا كَمُلَ خمسة أوْسُق، فلا يُضَمّ التمر إلى الزبيب، ولا القمح إلى الشعير، حتى يُكمِل النِصَاب، ولكنْ إذا كان الصنف الواحد منهم له أنواع: فإنه يَضُمّ بعضها إلى بعض، (مثل بلح السِمَّان والزغلول والأمْهَات) فإنه يَضُمّ بعضه إلى بعض عند تقدير النِصَاب.

3. تَجِب زكاة الزروع إذا كَمُلَ الصنف الواحد خمسة أوْسُق (سواء زُرِعَ هذا الصنف في مكان واحد، أو زُرِعَ في مكانين متباعدين، مهما كان تباعدهما) طالما أن مجموع الصنف الواحد قد بلغ قيمة النِصَاب لنفس الشخص، وكذلك إذا زَرَعَ ثماراً معينة في الصيف مثلاً (ولكنه بعد أن حصدها وجدها لم تبلغ قيمة النِصاب)، ثم زرع نفس الصنف في الربيع (في نفس العام)، فإنه يَضُمّ ما تبقى من الثمار التي زرعها في الصيف إلى الثمار التي زرعها في الربيع لتكميل النِصَاب، فإذا كان المجموع قد بلغ النِصاب: أخرجَ عنه العُشر (طالما أنه زرعَهما في نفس العامٍ).

4. المال الذي أنفقه الزارع على زرعه(كالحَرث، والحَصَاد، والجَمْع، والدَرْس، وحفر الأنهار والقنوات ونحو ذلك): هل يُخصَم مِن قيمة الزكاة أم لا؟

الراجح من أقوال العلماء - وهو مذهب الجمهور - أنه إذا كانَ قد اقترض لِيُنفِقَ على الزرع، فإنه يَخصم قيمة هذا الدَيْن من الزكاة ويَرُدَّه لصاحبه، وأما إذا أنفق على الزرع مِن ماله، ولم يكن عليه دَيْن: فلا يُخصَم شئٌ مِن قيمة الزكاة، هذا وقد أفادَ الخطابى رحمه الله أنه إذا حفر أنهاراً أو قنواتٍ بتكلفة معينة، ثم انهارت تلك القنوات، وَقلَّ الماءُ في الأرض، فاحتاج إلى حفرٍ جديد بتكلفة جديدة، فإنه يجب عليه إخراج نِصف العُشر فقط (وذلك رفقاً بالمالك)[80].

5. أثناء جمع الزروع لتقدير النِصَاب: لا يُحسَب على صاحب الزرع ما أكله هو وأهله قبل الحَصَاد، أو ما سَقطَ فأكَلَهُ الطير أو الماشية، أو ما أخذه الضعفاء، أو ما تصدق به حين الحَصَاد.

6. أفادَ ابن قدامة رحمه الله أنه إذا سقى ثماراً معينة في النصف الأول من السنة بتكلفة، (ولكنه بعد أن حصدها وجدها لم تبلغ قيمة النِصاب)، ثم سقى النصف الآخر من السنة (لنفس الصنف) بغير تكلفة، فإذا كان المجموع قد بلغ النصاب، فإنه يُخرج زكاةً مقدارَها: ثلاثة أرباع العُشر (يعني 7. 5% من قيمة الزروع)[81].

7. إذا كان لِرَجُلٍ حائطان - أي: بُستانان - فسقى أحدهما بتكلفة، وسقى الآخر بغير تكلفة، فإنه يَضُمّ مقدار وزن زروع أحدهما إلى الآخر في تكميل النِصَاب، ثم يُخرج مِن الذي سُقِيَ بغير تكلفة: عُشره (يعني 10% من قيمة الزروع التي فيه)، ويُخرج مِن الذي سُقِيَ بتكلفة: نصف عُشره (يعني 5 % من قيمة الزروع التي فيه).

8. إذا وَجَبَ العُشر على صاحب الزرع في ثِمارٍ معينة: لم يَجِب عليه عُشرٌ آخر في نفس الثمار، طالما أنه مَرَّ عليها العام، (ومثالُ ذلك: أنْ تبقى عنده الثِمار - التي أخرَجَ زكاتها - لمدة تزيد عن العام (ولم تنقص عن النِصَاب)، فلا يجب عليه إخراج الزكاة عليها مرة أخرى، إلا ما أعَدَّهُ منها للتجارة، فهذا يدخل في عروض التجارة، فيُخرج زكاتها بعد مرور العام عليها كما سبق)[82].

9. قال ابن عُثَيْمِين رحمه الله: (إذا قيل لرجل: احصد هذا الزرع بثلثه - (يعني ولك ثلثه مقابل هذا الحَصَاد) -، فحصده بثلثه، فلا زكاة عليه في الثلث - (الذي أخذه مقابل الحصاد، حتى لو بلغ هذا الثلث خمسة أوْسُق) -، لأنه لم يملكه حين وجوب الزكاة، وإنما ملكه بعد ذلك)[83].

زكاة الأرض الخَرَاجيَّة:

• يقسم العلماء الأرض إلى قسمين: (عُشَرِيَّة وَخَرَاجيَّة):

فالأرض العُشَرِيَّة: هي إحدى هذه الأنواع الآتية:

أ- كل أرضٍ دَخَلَ أهلها الإسلام عليها فهم مالكون لها.

ب- كل أرضٍ أخِذَتْ عُنوَة (أي بالقوة، كالفتح والغزو)، فلم يجعلها الإمام فَيْئَاً (أي: لم يجعلها مِلكاً للدولة)، بل جعلها غنيمة (بأنْ قسَّمَهَا بين الفاتحين لتصير الأرض مِلكاً لهم).

ج- كل أرضٍ لا مالك لها أعطاها الإمام لبعض الرعية (كأنْ يعلم أنهم فقراء محتاجون لها، أو غير ذلك).

د- كل أرضٍ "مَوَات" (يعني ليست مِلكاً لأحد)، أحياها رجل من المسلمين بالماء والنبات (بشرط أن تكون الدولة قد سمحت له بذلك، كأن يكون معه تصريح من الدولة أو غير ذلك).

• واعلم أنه لا خِلاف بين العلماء على هذا النوع من الأرض في وجوب الزكاة في زرعها (بأن يُخرجَ صاحبها العُشر إذا بلغت قيمة النِصَاب) (كما وضحنا ذلك سابقاً).

وأما الأرض الخَرَاجية: فهيأرضٌ فُتِحَتْ صُلحاً (يعني حدث تفاوض واتفاق بين الفاتحين وبين أهلها) فبقيت في مِلك أهلها، أو أن تكون قد فُتِحَتْبالقوة، ثم جعلها الإمام فيئاً (أي: ملكاً للدولة)، مع إبقاء يد أصحابها - غير المسلمين - عليها، دون أن يملكوا عَيْن الأرض.

• فهذه الأرض يُفَرَضُ على أصحابها ما يُسَمَّى بـ " الخَرَاج "، وهذا الخَرَاج مقابل إيجار (نظير انتفاع أصحاب هذه الأراضي بها)، وتكون قيمة هذا الخَرَاج - (أو هذا الإيجار) - حسب ما يراه الإمام.

• وقد وقع الخِلاف بين العلماء في الأرض الخَرَاجية: (هل يجب إخراج العُشر مع قيمة الخَرَاج أم لا؟)، والذي ذهب إليه الجمهور هو وجوب العُشر مع قيمة الخَرَاج في الأرض الخَرَاجية، وهو الراجح.

تقدير النِصَاب في النخيل والأعناب بالخَرْص:

والخَرْص: هو التقدير باجتهاد الساعي الأمين (الذي يأخذ الزكاة من أصحابها)، بحيث يُقدِّر ما على النخل والشجر من الثمار والعنب (بالنظر) من غير وزن، وهذا لا يكون إلا من الثقات من أهل الخبرة في هذا الشأن، ثم يُقدِّرُهُ تمراً أو زبيباً (يعني يقول: إذا جف ذلك المقدار من البلح - أو العنب -: فإنه سيخرج منه كذا كيلة (تمراً أو زبيباً))، وذلك ليُعرَف مقدار الزكاة منه بعد ظهور صلاحه، والثمار ما زالت على النخيل والأعناب، واعلم أنَّ الحكمة من ذلك الخرص هي: إحصاء الزكاة ومعرفة قدرها قبل أن تؤكل الثمار.


وعلى هذا فيُلاحَظ ما يأتي:

1. يكون الخرص إذا ظهر الصلاح في الثمر، وذلك بأن يَحْمَرّ التمر أو يَصْفرّ، وبأن يبدأ جريان الحلاوة في العنب.

2. يُجزئ أن يكون الخارص واحداً، ويُشتَرَط أن يكون أميناً غير متهم، عارفاً بما يُمكِن أن يُقدِّرَ به الثمار.

3. على الخارص أن يترك لأصحاب الثمر قدر ما يأكلون (وذلك بعد تقدير النِصاب)، ويُقدِّر بعض العلماء ذلك المقدار بالثلث، فإن لم يترك لهم الثلث: فليترك لهم الربع، لأنهم يحتاجون إلى الأكل هم وأضيافهم، وَيُطعِمون جيرانهم وأهليهم وأصدقائهم، ثم يُخرج الزكاة على ما تبقى من الثمر (أي بعد إخراج هذا القدر الذي تركه للأكل).

4. أفادَ ابن قدامة رحمه الله أنه إذا ادَّعَى صاحب المال أنَّ الخارص قد أخطأ في تقدير الثمار، وكان ما ادَّعَاهُ مُحتَمَلاً: فإنَّ قوْلَهُ يُقبَل مِن غير أن يحلف، وإن لم يكن ادعاؤه مُحتَمَلاً (مِثل أن يدعي غلط النصف ونحو ذلك): لم يُقبَل منه قوله، وأما إن قال: (لم يتبقى بعد أن خرص الخارص غير هذا القدر من الثمر)، فإنَّ قوله يُقبَل من غير أن يحلف، لأنه قد يتلف بعض الثمر بآفةٍ لا نعلمها[84].

5. إن لم يُخرج الإمام خارصاً كما هو الحال في زماننا، فقد أفادَ ابن قدامة في المُغنِي أن يُخرج صاحب الزرع خارصاً يُقدِّر ذلك، وإن خَرَصَ هو بنفسه جاز، ولكنْ يَحتاط في أن لا يأخذ أكثر مما يُسمَح له أن يأخْذه (كالثلث أو الربع للأكل كما سبق)[85].

6. الخرص إنما يكون في النخيل (ويُلحَق به الأعناب فقط)، وأما الحبوب فلا خرص فيها (وإنما تقدر بالوزن).

7. صفة الخرص: أن يطوف بالشجرة ويرى جميع ثمرتها ويقول: خَرْصُهَا (كذا كِيلَة) (عنب أو بلح)وهي رَطبَة، ويَخرج منها (كذا كِيلَة)(تمر أو زبيب) إذا جفت.

♦♦♦

تنبيه هام: بالنسبة لزكاة العسل: فالصحيح الذي عليه جمهور العلماء أنه لا زكاة في العسل، إلا ما أعَدّهُ منه للتجارة، فهذا يدخل في زكاة عروض التجارة كما سبق.

"التلخيص على مسؤولية الكاتب"

[1] مُختَصَرَة من كتاب (تمام المِنّة في فِقه الكتاب وصحيح السُنّة) لفضيلة الشيخ عادل العزّازي أثابه الله. لمن أراد الرجوع للأدلة والترجيح. وأما الكلام الذي تحته خط أثناء الشرح من توضيحٍ أو تعليقٍ أو إضافةٍ أو غير ذلك فهو من كلامي (أبو أحمد المصري).

[2] [الشمس: 9]

[3] [التوبة: 103]

[4] [الذاريات: 15-19]

[5] [التوبة: 37].

[6] [آل عمران: 180]

[7] (متفق عليه)

[8] (انظر حديث: 4265 في صحيح الجامع).

[9] (انظر الشرح المُمتِع: 6 / 202 - 203)

[10] (انظر حديث: 7497 في صحيح الجامع).

[11] (متفق عليه)

[12] (متفق عليه).

[13] (حسن: رواه أبو داود: 1609)

[14] (الشرح المُمتِع: 6 / 156)

[15] (انظر السلسلة الصحيحة: 5/ 220)

[16] [البقرة: 261].

[17] [الإنسان: 8]

[18] (متفق عليه)

[19] (رواه مسلم: 3959)

[20] (متفق عليه)

[21] (انظر حديث: 4510 في صحيح الجامع).

[22] (انظر السلسلة الصحيحة ج: 7)

[23] (انظر حديث: 5136 في صحيح الجامع)

[24] (متفق عليه)

[25] [البقرة: 271]

[26] (البخاري: 1427).

[27] (متفق عليه)

[28] (صحيح: أبو داود (1692). وهو عند مسلم (996))

[29] (رواه مسلم: 2358)

[30] [سورة البقرة: 264]

[31] (رواه مسلم: 106)

[32] (متفق عليه).

[33] (رواه مسلم: 2393)

[34] (انظر السلسلة الصحيحة: 575)

[35] (متفق عليه).

[36] (البخاري: 2631)

[37] (التوبة: 60)

[38] (انظر الشرح المُمتِع: كتاب الزكاة)

[39] (انظر المجموع: 6 / 192)

[40] (انظر المُحَلَّى: 6 / 223)

[41] (انظر الشرح المُمتِع: 1 / 221 - 222)

[42] (معالم السنن: 1 / 239).

[43] (انظر صحيح البخاري: 7197).

[44] (انظر حديث: 6023 في صحيح الجامع)

[45] (ابن أبي شَيْبَة: 3 / 223)

[46] [الأعراف: 31]

[47] (البخاري: 1520).

[48] (انظر السلسلة الصحيحة: 6/628)

[49] (متفق عليه)

[50] (الشرح المُمتِع: 6 / 242)

[51] (الطلاق 7)

[52] (انظر حديث: 3763 في صحيح الجامع)

[53] (المائدة: 2)

[54] (مجموع الفتاوَى: 25/87)

[55] (انظر الاختيارات الفقهية: ص 61)

[56] (متفق عليه)

[57] (انظر حديث رقم: 1419 في صحيح الجامع).

[58] (انظر المُحَلَّى: 6 / 224).

[59] (البخاري: 5373).

[60] (الشرح المُمتِع بتصرف: 6 / 189)

[61] (انظر الشرح المُمتِع: 6/205)

[62] (الشرح المُمتِع: 6/213)

[63] (متفق عليه).

[64] (متفق عليه).

[65] (متفق عليه).

[66] (متفق عليه).

[67] (انظر كتاب: قمع الحِرص للقرطبي صـ19 بتصرف)

[68] (صحيح: أبو داود: 1639)

[69] (انظر الاختيارات الفقهية: ص 101)

[70] (انظر الشرح المُمتِع: 6/ 96- 97)

[71] (متفق عليه).

[72] (انظر تمام المنة في التعليق علي فقه السنة " ص 278)

[73] (انظر الشرح المُمتِع: 6/60)

[74] (انظر الاختيارات الفقية: ص 184)

[75] (انظر الفتاوَى: 25 / 37)

[76] (انظر الشرح المُمتِع: 6 / 70)

[77] (انظر المُغنِي: 2 / 696).

[78] (راجع تفاصيل هذه المسألة في المُغنِي: 2 / 696)

[79] (انظر المُغنِي: 2 / 704)

[80] (انظر معالم السنن: 2/702)

[81] (انظر المُغنِي: 2 / 699)

[82] (انظر المُغنِي: 2 / 702)

[83] (الشرح المُمتِع: 6 /79)

[84] (المُغنِي: 2 / 708)

[85] (المُغنِي: 2 / 709).



 توقيع : سلطان الزين

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ

رد مع اقتباس
قديم 16-Aug-2023, 10:49 AM   #2




 
 عضويتي » 8
 جيت فيذا » Feb 2006
 آخر حضور » اليوم (09:50 PM)
آبدآعاتي » 1,180,104
 حاليآ في »
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه
جنسي  »
 التقييم » خيال has a reputation beyond reputeخيال has a reputation beyond reputeخيال has a reputation beyond reputeخيال has a reputation beyond reputeخيال has a reputation beyond reputeخيال has a reputation beyond reputeخيال has a reputation beyond reputeخيال has a reputation beyond reputeخيال has a reputation beyond reputeخيال has a reputation beyond reputeخيال has a reputation beyond repute
اس ام اس ~
آللهم اسكن وآلدي فسيح الجنآن واغفر له ي رحمن ..
 

خيال متواجد حالياً

افتراضي رد: ملخص لأحكام الزكاة بأسلوب بسيط



جزاك الله خير .. ودي ..


 توقيع : خيال

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


رد مع اقتباس
قديم 17-Aug-2023, 03:24 AM   #3




 
 عضويتي » 7111
 جيت فيذا » May 2020
 آخر حضور » اليوم (02:52 PM)
آبدآعاتي » 876,810
 حاليآ في »
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه Saudi Arabia
جنسي  »
 التقييم » fateenah has a reputation beyond reputefateenah has a reputation beyond reputefateenah has a reputation beyond reputefateenah has a reputation beyond reputefateenah has a reputation beyond reputefateenah has a reputation beyond reputefateenah has a reputation beyond reputefateenah has a reputation beyond reputefateenah has a reputation beyond reputefateenah has a reputation beyond reputefateenah has a reputation beyond repute
اس ام اس ~
 

fateenah متواجد حالياً

افتراضي رد: ملخص لأحكام الزكاة بأسلوب بسيط



جزاك الله خير


 توقيع : fateenah

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


رد مع اقتباس
قديم 17-Aug-2023, 07:54 AM   #4



 
 عضويتي » 6535
 جيت فيذا » Nov 2017
 آخر حضور » اليوم (06:36 PM)
آبدآعاتي » 48,968
 حاليآ في »
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه Saudi Arabia
جنسي  »
 التقييم » سلطان الزين has a reputation beyond reputeسلطان الزين has a reputation beyond reputeسلطان الزين has a reputation beyond reputeسلطان الزين has a reputation beyond reputeسلطان الزين has a reputation beyond reputeسلطان الزين has a reputation beyond reputeسلطان الزين has a reputation beyond reputeسلطان الزين has a reputation beyond reputeسلطان الزين has a reputation beyond reputeسلطان الزين has a reputation beyond reputeسلطان الزين has a reputation beyond repute
 

سلطان الزين متواجد حالياً

افتراضي رد: ملخص لأحكام الزكاة بأسلوب بسيط



كل الشكر لمروركم


 توقيع : سلطان الزين

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


رد مع اقتباس
قديم 17-Aug-2023, 04:37 PM   #5




 
 عضويتي » 7429
 جيت فيذا » Dec 2021
 آخر حضور » اليوم (09:11 PM)
آبدآعاتي » 216,470
 حاليآ في »
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه Iraq
جنسي  »
 التقييم » أمنيات بعيده has a reputation beyond reputeأمنيات بعيده has a reputation beyond reputeأمنيات بعيده has a reputation beyond reputeأمنيات بعيده has a reputation beyond reputeأمنيات بعيده has a reputation beyond reputeأمنيات بعيده has a reputation beyond reputeأمنيات بعيده has a reputation beyond reputeأمنيات بعيده has a reputation beyond reputeأمنيات بعيده has a reputation beyond reputeأمنيات بعيده has a reputation beyond reputeأمنيات بعيده has a reputation beyond repute
 

أمنيات بعيده متواجد حالياً

افتراضي رد: ملخص لأحكام الزكاة بأسلوب بسيط



جزاكِ الله خير
جعله الله في ميزان حسناتك


 توقيع : أمنيات بعيده

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


رد مع اقتباس
قديم 18-Aug-2023, 05:49 AM   #6



 
 عضويتي » 7688
 جيت فيذا » Aug 2023
 آخر حضور » 12-May-2024 (01:32 AM)
آبدآعاتي » 212
 حاليآ في »
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه
جنسي  »
 التقييم » امانيي has a spectacular aura aboutامانيي has a spectacular aura aboutامانيي has a spectacular aura about
 

امانيي غير متواجد حالياً

افتراضي رد: ملخص لأحكام الزكاة بأسلوب بسيط



جزاك الله خير
ويعطيك العافيه


 توقيع : امانيي

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


رد مع اقتباس
قديم 19-Aug-2023, 04:46 AM   #7




 
 عضويتي » 6954
 جيت فيذا » Aug 2019
 آخر حضور » اليوم (06:42 AM)
آبدآعاتي » 151,592
 حاليآ في »
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه Palestine
جنسي  »
 التقييم » بنوته نايس has a reputation beyond reputeبنوته نايس has a reputation beyond reputeبنوته نايس has a reputation beyond reputeبنوته نايس has a reputation beyond reputeبنوته نايس has a reputation beyond reputeبنوته نايس has a reputation beyond reputeبنوته نايس has a reputation beyond reputeبنوته نايس has a reputation beyond reputeبنوته نايس has a reputation beyond reputeبنوته نايس has a reputation beyond reputeبنوته نايس has a reputation beyond repute
اس ام اس ~
ألي يريدک ؛ مآا يعيـقهةه شيـيء ֆ❤.
 

بنوته نايس غير متواجد حالياً

افتراضي رد: ملخص لأحكام الزكاة بأسلوب بسيط



سلطان الزين

جزاكِ الله خير


 توقيع : بنوته نايس

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


رد مع اقتباس
قديم 19-Aug-2023, 05:13 AM   #8




 
 عضويتي » 6357
 جيت فيذا » Jul 2017
 آخر حضور » اليوم (12:56 AM)
آبدآعاتي » 215,264
 حاليآ في »
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه
جنسي  »
 التقييم » الاصيلة has a reputation beyond reputeالاصيلة has a reputation beyond reputeالاصيلة has a reputation beyond reputeالاصيلة has a reputation beyond reputeالاصيلة has a reputation beyond reputeالاصيلة has a reputation beyond reputeالاصيلة has a reputation beyond reputeالاصيلة has a reputation beyond reputeالاصيلة has a reputation beyond reputeالاصيلة has a reputation beyond reputeالاصيلة has a reputation beyond repute
 

الاصيلة غير متواجد حالياً

افتراضي رد: ملخص لأحكام الزكاة بأسلوب بسيط









بااارك الله فيك وفي اطروحتك
وجزااك الله عناا كل خير لاطروحتك
المميزة وجمااالية الجلب والطرح
احسنت بانتقائك الطيب والمفيد
يعطيك ربي الف عافية تحيتي وتقديري
وبانتظااار جديدك اشكرك ودمت
كون بخير


















































































 توقيع : الاصيلة

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


رد مع اقتباس
قديم 24-Aug-2023, 03:39 AM   #9




 
 عضويتي » 6254
 جيت فيذا » Apr 2017
 آخر حضور » 06-May-2024 (05:32 PM)
آبدآعاتي » 70,486
 حاليآ في »
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه Saudi Arabia
جنسي  »
 التقييم » دموع السحايب has a reputation beyond reputeدموع السحايب has a reputation beyond reputeدموع السحايب has a reputation beyond reputeدموع السحايب has a reputation beyond reputeدموع السحايب has a reputation beyond reputeدموع السحايب has a reputation beyond reputeدموع السحايب has a reputation beyond reputeدموع السحايب has a reputation beyond reputeدموع السحايب has a reputation beyond reputeدموع السحايب has a reputation beyond reputeدموع السحايب has a reputation beyond repute
اس ام اس ~
إن شَآنت آلدنيآ ترىّ آلعمر مقُسوم
محَدن حيآتھ جت علُى مآ تمنى -
 

دموع السحايب غير متواجد حالياً

افتراضي رد: ملخص لأحكام الزكاة بأسلوب بسيط



الله يجزاك كل خير على مجهودك...
ويجعل الأجر الاوفر بميزان حسناتك...
ننتظر جديدك...


 توقيع : دموع السحايب

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


رد مع اقتباس
قديم 26-Aug-2023, 09:07 PM   #10



 
 عضويتي » 6535
 جيت فيذا » Nov 2017
 آخر حضور » اليوم (06:36 PM)
آبدآعاتي » 48,968
 حاليآ في »
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه Saudi Arabia
جنسي  »
 التقييم » سلطان الزين has a reputation beyond reputeسلطان الزين has a reputation beyond reputeسلطان الزين has a reputation beyond reputeسلطان الزين has a reputation beyond reputeسلطان الزين has a reputation beyond reputeسلطان الزين has a reputation beyond reputeسلطان الزين has a reputation beyond reputeسلطان الزين has a reputation beyond reputeسلطان الزين has a reputation beyond reputeسلطان الزين has a reputation beyond reputeسلطان الزين has a reputation beyond repute
 

سلطان الزين متواجد حالياً

افتراضي رد: ملخص لأحكام الزكاة بأسلوب بسيط



كل الشكر لمروركم العطر


 توقيع : سلطان الزين

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


رد مع اقتباس
إضافة رد

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


جميع الأوقات بتوقيت GMT +4. الساعة الآن 10:12 PM.



Powered by vBulletin® Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
new notificatio by 9adq_ala7sas