26-Oct-2020, 04:15 PM
|
|
|
|
|
من يصلح الملح إذا الملح فسد
🔻 من يصلح الملح إذا الملح فسد 🔻
تزوج بدوي فتاة من قبيلته ذات حسن وأدب وأخلاق ودين ومضى عام على زواجه ، ونشبت بينه وبين أحد أبناء عمومته مشاجرة كبيرة ، فقتله ،
ورحل مع زوجته بعيداً عن القرية كما تقتضيه الأعراف القبلية ، وتوجه الى ديار قبيله ثانيه ،
وكان صاحبنا دائم الجلوس عند الشيخ في مجلسه مثله مثل رجال القبيلة للسمر وتدارس مختلف الأمور وفي احد الايام مر الشيخ من أمام بيت صاحبنا
وشاهد زوجته فسُحِر بجمالها ، واستولت على لبه وعقله ، وخطرت له فكره شيطانيه ، وهي ان يبعد الزوج عن البيت ، لينفرد بالزوجة ، ويقضي منها وطرا ً .
فعاد إلى مجلسه ، وكان عامرا ً بالرجال ومن بينهم صاحبنا .
فقال : ربعي ! علمت أن الديرة الفلانيه فيها ربيع ما مثله ! وأريد أن ارسل إليها أربعة رجال يرودونها ،
ويتأكدون من الربيع فيها ، واختار أربعة من الرجال ومن بينهم زوج المرأه الجميله ، فسار الأربعة بكل طيب خاطر ، والمكان الذي ذكره يستغرق ثلاث ايام ذهاب الفرسان وإيابهم ،
وعندما ارخى الليل سدوله وانتظر الى ان تنام الناس ، سار الى بيت جيرانه حيث لم يكن فيه سوى المرأه وحيده ، وكانت نائمه ، وقبل ان يصل ارتطم في العامود واحدث صوتاً مرعبا ً لها ،
افاقت المرأه على الصوت .صاحت : من باالبيت ؟!
الشيخ : انا فلان شيخ العرب اللي انتم نازلين عنده !
البدويه : حياك الله ! وماذا تريد يا شيخ العرب في مثل هذا الوقت ؟!
الشيخ أذهلني جمالك عندما رأيتك ، وسلبت عقلي وقلبي مني ، وأريد قربك ووصالك !
البدويه : لا مانع عندي ! بشرط ، عندي لغز، اذا حليته أكون لك كما تريد !
الشيخ : أشرطي وتشرَّطي ، وجميع شروطك مُجابة !
البدويه : حتى لايجيف اللحم ( أي يتحول إلى جيفة ) يرشون عليه الملح ! فمن يُصلِحُ الملحَ إذا الملحُ فسد ؟!
ولك أن تستعين بمن تريد ،
فإذا جئتني بالحل صرت لك كما تريد !
الشيخ : أنصفتِ ، وسآتيك بالحل في الليلة القادمة !
ذهب الشيخ الى بيته بخفي حنين ،
وأمضى ليله يفكر بحل اللغز ولم يصل إلى نتيجة ، وثاني يوم وكانوا الرجال جالسين في مجلسه .
سأل الشيخ الجالسين وبصورة مفاجأة : حتى لايجيف اللحم يرشون عليه الملح ! من يُصلِحُ الملحَ إذا الملحُ فسد ؟!
وكل من رد من الحضور كان رده على قدر فهمه وعلمه ،
فلم يقتنع الشيخ برأي واحد منهم ، وكان احد الرجال المحنكين الدهاة أصحاب الفطنة والحكمة والعلم والأدب والدين موجودا ً في المجلس ،
لكنه لم يقل شيئا ، وانصرف جميع من في المجلس
إلا هو لم ينصرف ، فقد بقي في المجلس .
فصاح الشيخ في وجهه : أنت ما جاوبت على سؤالي !
قال له الرجل : أردت أن أكلمك على إنفراد ! فأصل اللغز بيت من الشعر قاله أبو سفيان الثوري ،والبيت هو :
يا رجال العلم يا ملح البلد * من يُصلِحُ الملحَ إذا الملحُ فسد ؟!
وإن لم يخب ظني فإنك ٌ راودت امرأة عالية المقام في الذكاء والعلم والدين والأدب عن نفسها ، فأرادت أن تصدك ولا تفضحك ، وأن تكسبك كأخ لها ولا تخسرك وتزيد إلى أعدائها أعداء أهلها عدوا بحجمك ومقامك ، وتحفظ بعلها إن غاب وإن حضر ، وقد قالت لك ما قالت ، وكأنها تريد أن تقول لك ولمن سمعك :
يا شيوخ العُرب يا ملح البلد * من يُصلِحُ الملحَ إذا الملحُ فسد ؟!
فهي تقصد : إن الرجل من القبيلة إذا فسد أصلحه شيخ القبيلة كما يصلح الملحُ اللحم ! فمن يصلح الشيخ إذا الشيخ فسد ؟!
وكأن هذه الاجابه أيقظت ضميره النائم ، وقلبه الهائم ، وعقله الظالم ، وأصابه الخجل الشديد من فعلته الشنعاء ، وملأه الندم على ما كان منه المكائد والمفاسد !
وقال : أصبت كبد الحقيقة أيها المبجل ! فاستر عليَّ زلتي سترك الله في الدنيا والآخرة !
يقول الشاعر:يداوى فساد اللحم بالملح عادة..فكيف نداوي الملح إن فسد الملح..
وأنا اقول:
من يصلح الولد إذا رب البيت فسد
من يصلح الرعية إذا الراعي فسد
من يصلح الجيل إذا المعلم فسد
من يصلح الناس إذا الحاكم فسد ؟؟
.
( جالس الحكماء ولا تجالس السفهاء فإن الحكماء عظماء )
مَا عَاتَبَ الْمَرْءَ الْكَـــرِيمَ كَنَفْسِهِ
وَالْمَرْءُ يُصْلِحُهُ الْجَلِيسُ الصَّالِحُ
منقووول
|
|