قصة أهل الكهف:
هي قصة غريبة تحكي عن أولئك الفتية الذين فرُّوا بدينهم معتصمين بربهم إلى أن آواهم المبيت إلى كهف نُسبوا إليها فيما بعد، وذلك حين اتفقوا أن يلجؤوا إليه إلى طلوع النهار، ولم يكن في خاطرهم أن نومهم فيه سيستمر ليتجاوز ثلاثة قرون، فلبثوا فيه حتى ظهروا في زمن آخر، وعصر ملك جديد.
أصحاب الكهف هم شباب فرّوا بالإيمان من الطغيان، شهدت بإيمانهم آيات القرآن، حيث قال الله في حق أهل الكهف:
نَّحۡنُ نَقُصُّ عَلَيۡكَ نَبَأَهُم بِٱلۡحَقِّۚ إِنَّهُمۡ فِتۡيَةٌ ءَامَنُواْ بِرَبِّهِمۡ وَزِدۡنَٰهُمۡ هُدٗى". (الكهف: 13)
هذه الزيادة بالهداية لأهل الكهف كانت ثمرة الثبات والصبر والفرار بالإيمان للمحافظة عليه، وهي رسالة لكل شاب في زمان الفتن والشهوات والشبهات؛ أن يثبت على إيمانه ويفر بدينه إن لم يتمكن من المحافظة عليه في بلدته، قصة أهل الكهف نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم في زمن المحن والبلايا التي كانت قريش تعادي فيه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه الكرام، فكانت قصة أصحاب الكهف تسلية له صلى الله عليه وسلم ولأصحابه رضي الله عنهم.
سبب خبر أهل الكهف:
وسبب ورود هذه القصة كما ذكر ابن إسحاق أن قريشاً جاءوا لرسول صلى الله عليه وسلم فَقَالُوا:
يَا مُحَمَّدُ، أَخْبِرْنَا عَنْ فِتْيَةٍ ذَهَبُوا فِي الدَّهْرِ الْأَوَّلِ قَدْ كَانَتْ لَهُمْ قِصَّةٌ عَجَبٌ؛ وَعَنْ رَجُلٍ كَانَ طَوَّافًا قَدْ بَلَغَ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا؛ وَأَخْبِرْنَا عَنْ الرُّوحِ مَا هِيَ؟ قَالَ: فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أُخْبِرُكُمْ بِمَا سَأَلْتُمْ عَنْهُ غَدًا وَلَمْ يَسْتَثْنِ، (يعني لم يقل إن شاء الله أو نحوها) فَانْصَرَفُوا عَنْهُ، فَمَكَثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِيمَا يَذْكُرُونَ خَمْسَ عَشْرَةَ لَيْلَةً لَا يُحْدِثُ اللَّه إلَيْهِ فِي ذَلِكَ وَحْيًا، وَلَا يَأْتِيهِ جِبْرِيلُ، حَتَّى أَرْجَفَ أَهْلُ مَكَّةَ، وَقَالُوا: وَعَدَنَا مُحَمَّدٌ غَدًا، وَالْيَوْمَ خَمْسَ عَشْرَةَ لَيْلَةً، قَدْ أَصْبَحْنَا مِنْهَا لَا يُخْبِرُنَا بِشَيْءِ مِمَّا سَأَلْنَاهُ عَنْهُ، وَحَتَّى أَحْزَنَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، مُكْثُ الْوَحْيِ عَنْهُ، وَشَقَّ عَلَيْهِ مَا يَتَكَلَّمُ بِهِ أَهْلُ مَكَّةَ: ثُمَّ جَاءَهُ جِبْرِيلُ مِن اللَّهِ بِسُورَةِ أَصْحَابِ الْكَهْفِ، فِيهَا خَبَرُ مَا سَأَلُوهُ عَنْهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ الْفِتْيَةَ، وَالرَّجُلِ الطَّوَّافِ، وَالرُّوحِ. (هذه القصة نقلناها مختصرة، رواها ابن إسحاق كما في السيرة النبوية لابن هشام: 1/321، وأوردها ابن كثير في تفسيره: 5/133، ويراجع جامع البيان للطبري: 15/127 - 128، ودلائل النبوة للبيهقي: 2/269).
لذلك كانت هذه القصة (قصة أهل الكهف) قصة عجيبة تساءل عنها اليهود وطلبوا من قريش أن يسألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عنها، وقد قال الله تعالى في ذلك:
أَمۡ حَسِبۡتَ أَنَّ أَصۡحَٰبَ ٱلۡكَهۡفِ وَٱلرَّقِيمِ كَانُواْ مِنۡ ءَايَٰتِنَا عَجَبًا. (الكهف: 9)
فهي عجيبة وإن كان يوجد في الكون عجب منها.
والكهف هو المغارة الواسعة، والرقيم هو العلامة أو الكتابة أو الرسم على الشيء وقيل هو اللوح الذي سجِّلت عليه أسماؤهم وقيل كتاب دوِّنت فيه أسماؤهم وقيل اسم الجبل وقيل اسم القرية.
قال سعيد بن جبير ومجاهد: الرقيم لوح من حجارة وقيل من الرصاص كتب فيه أسماؤهم وقصتهم وشد ذلك اللوح على باب الكهف. (التفسير الكبير للرازي: 21/81 - 82، والقرطبي في تفسيره: 10/356)
خلاصة قصة أهل الكهف:
ذَكَر أهل التفسير وأصحاب التاريخ عن أهل الكهف رواياتٍ كثيرةً، أَورد العديد منها الإمام الطبري في تاريخه وتفسيره وكذلك ابن كثير وغيرهم..، وقد نهى القرآن عن الجدل في ذلك والمماراة والاستفتاء العميق بذلك فقال:.
فَلَا تُمَارِ فِيهِمۡ إِلَّا مِرَآءٗ ظَٰهِرٗا وَلَا تَسۡتَفۡتِ فِيهِم مِّنۡهُمۡ أَحَدٗا. (الكهف: 22)
لكن تتّفق أكثر الروايات على أنّ عدداً من الفتية اختُلف في عددهم فقال ابن عباس رضي الله عنهما قوله تعالى:
مَّا يَعۡلَمُهُمۡ إِلَّا قَلِيلٞۗ
أَنَا مِنْ أُولَئِكَ الْقَلِيلِ الَّذِينَ اسْتَثْنَى اللَّهُ تَعَالَى، كَانُوا سَبْعَةً وَثامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ أنهم سَبْعَةً وَثامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ. (تفسير الطبري: 15/219، والخازن: 3/161)
هؤلاء الشباب نَبَذوا عبادةَ الأوثان والأصنام، واعتنقوا التوحيدَ والإسلام على دين المسيح عليه السلام، وقيل قبل ديانة المسيح في مدينة يقال لها أَبْسُس وقيل غيرها، ثُمّ فَرّوا مِن المدينة وملكها الذي أراد صدّهم عن التوحيد؛ حَتَّى آوَاهُمُ الليل إلى الكهف، فدخلوه فقالوا: نبيت هاهنا اللَّيْلَةَ ثُمَّ نُصْبِحُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، فَتَرَوْنَ رَأْيَكُمْ فَضُرِبَ عَلى آذَانِهِمْ، فَخَرَجَ الْمَلِكُ فِي أَصْحَابِهِ يَتْبَعُونَهُمْ، حَتَّى وَجَدُوهُمْ قَدْ دَخَلُوا الْكَهْفَ، فَكُلَّمَا أَرَادَ رَجُلٌ أَنْ يَدْخُلَ أُرْعِبَ، فَلَمْ يُطِقْ أَحَدٌ أَنْ يَدْخُلَ، فَقَالَ قَائِلٌ: أَلَيْسَ لَوْ كُنْتَ قَدَرْتَ عَلَيْهِمْ قَتَلْتَهُمْ؟ قَالَ: بَلَى، قَالَ: فَابْنِ عَلَيْهِمْ بَابَ الْكَهْفِ، فَدَعْهُمْ فِيهِ يموتوا عَطَشًا وَجُوعًا، وكان لديهم كَلب لم يفارقهم، فناموا في هذا الكهف، هرباً من المَلِك دقْيَنُوس، الذي كان يَعْبُدُ الأَصْنَامَ ثم نَسيَ الناسُ أمرَهم بعد ذلك.
وفي يوم من الأيّام أحدُ الرُّعاةِ أَدْرَكَهُ الْمَطَرُ عِنْدَ الْكَهْفِ، فَقَالَ: لَوْ فَتَحْتُ هَذَا الْكَهْفَ فَأَدْخَلْتُهُ غَنَمِي مِنَ الْمَطَرِ! فَلَمْ يَزَلْ يُعَالِجُهُ حَتَّى فَتَحَه ليتّخذه حَظيرةً لغنمِهِ، فرَدَّ اللَّهُ إِلَيْهِمْ أَرْوَاحَهُمْ فِي أَجْسَادِهِمْ مِنَ الْغَدِ حِينَ أَصْبَحُوا، فَبَعَثُوا أَحَدَهُمْ بِوَرِقٍ يَشْتَرِي لَهُمْ طَعَامًا، فَكُلَّمَا أَتَى بَابَ مَدِينَتِهِمْ رَأَى شَيْئًا يُنْكِرُهُ، حَتَّى دَخَلَ عَلَى رَجُلٍ، فَقَالَ: بِعْنِي بِهَذِهِ الدَّرَاهِمِ طَعَامًا، قَالَ: وَمِنْ أَيْنَ لَكَ هَذِهِ الدَّرَاهِمُ! قَالَ: خَرَجْتُ وَأَصْحَابٌ لِي بالأَمْسِ، فَآوَانَا اللَّيْلُ لكهف ثم أَصْبَحُوا، فأرسلوني فلم يَعرف بائعُ الطعام النقود القديمة التي دفعها إليه الفتى، فَسَاقَه إلى المَلِك وهناك تبيّن كلّ شيء: فقد نام الفتية ثلاثمِئة سَنة وتسعاً، وكانت الوثنيّة قد ذهبت وحلّ محلّها التوحيد والايمان، وفَرِح المَلِك بأصحاب الكهف فَرَحاً عظيماً؛ لأنّ بَعْثَهُم قد أَيّدَ عقيدةً دينيّةً كان البعض يَشكّ في صحّتها، وهي أنّ الناس يُبعثون كما هم بالجَسَد والروح معاً، فبعث الملك في الناس، فجمعهم فقال: إنكم قد اختلفتم في الروح والجسد، وإن الله عز وجل قد بعث لكم آية، فهذا رجل من قوم فلان يعني الملك دقْيَنُوس فقال الفتى: انطلقوا بي إلى أصحابي، فذهبوا حتى انتهوا إلى الكهف، فقال الفتى: دعوني أدخل إلى أصحابي، فلما أبصرهم ضرب الله على أذنه وعلى آذانهم، فلما استبطئوه دخل الملك ودخل الناس معه، فإذا هم أجساد لا ينكرون منها شيئاً غير أنها لا أرواح فيها.
فقال الملك: هذه آية بعثها الله لكم ثم، جاء الناس وشَيَّدوا هناك على المَغارة مَسجِداً، تَبرُّكاً بهم. (بتصرف من تاريخ الطبري: 2/7)
ماشاء الله عليك
وش هالموضوع الخطير
بصراحة مرتب الموضوع
الله يجزاك خير
عاد شفتي كم دعوة جاتك بسببي
وانتي تقولين لي لا عاد تعيدها
اصلا ماعاد بيستضيفوني في شيء
عفست الاعضاء كلهم
هههههههههههه
جزاك الله خيرا
ونفع بك ع الطرح القيم والمفيد
وعلى طيب ماقدمت
اسعد الله قلبك بالأيمان
وسدد خطاك لكل خير وصلاح
وفي ميزان حسناتك ان شاء الله
دمت بطاعة الرحمن