:
إنَّ الحديث عن عــــزة الــنــفـــس
هو حديثٌ بالأساس عن القيم الإنسانية الراقية
وهو حديث عن قاعدة البناء الأخلاقي المتين
التي تمنح الإنسان مناعةً نفسية وإحساساً بالشرف
وهو حديث أيضاً عن تراكُمات إيجابية فعَّالة
تنحتُ شخصية الإنسان عبر مراحل متعدِّدة
ومسارات متنوِّعة
:
: وفي عصرنا الحاضر هو حديث عن نوعٍ مِن الممانعة
ضد النفعية الذاتية والمقاومة أمام الإغراءات القائمة
والإكراهات المجتمعيَّة السائدة
وهو كذلك حديث عن تحصين النفس بدرعٍ واقٍ
في ظل مجتمع المصالح الذي يكثُر فيه
الــمــدحُ الـــزائـــف و الــعــبــارات الـنِّــفــاقـــيَّــة مجتمع يؤمن بالمظاهر الخارجية والقوة المادية
التي جعلت المعتزَّ بنفسه عُرضةً للتبخيس والإقصاء
في مقابل ذلك نجد التشجيع والاحتواء يُمنحان
مَن يتخلَّى عن عِزَّة نفسه
:
:
وتُعدُّ عزة النفس أيضاً من القيم التربوية والأخلاقية والتَّنْشِئَوِيَّة
التي يتحلَّى بها الإنسان النبيل
والتي ترفعه عن كل ما يُقلِّل مِن قيمة نفسه
ولا يتَّصف بهذه السجيَّة إلَّا العظماء الذين يعيشون
بعزَّة وكرامة بين الناس وينفرون مِن مواضع الوضاعة والمهانة
و عزة النفس في العمق تكون ممزوجةً بالتواضُع والوقار
وليست هي التكبُّر والتعالي وإقصاء الآخر وتحطيمه
لأنها تكمُن في احترام النفس وإبعادها عن كُلِّ شيءٍ لا يليق بها
أي: الابتعاد عن كل ما يَشين الفعل الإنساني
والكبر والغرور ونبذ الآخر ممَّا يُفسد السلوك البشَري
:
:
والشخص العزيز النفس تعرفه تلقائيّاً من تصرُّفاته الظاهرة
التي لا تجدُ فيها أيَّ وجهٍ مِن أوجه الــذِّلَّـة والخضوع لغير الله
فلا يسمحُ لأحد أن يستوطنَ شخصيته
نظراً لقوة شخصيته و سلامة تصرُّفاته و نقاء طبعه
وهذا ما لا يترك أيَّ مجالٍ لأحدٍ بأن يمسَّ ذاته وكرامته
ولا يعني البتة أن عزيز النفس يرى نفسه دون سواه
أي: إنه لا يتكبَّر على أحد ويحترم الجميع
بل يحاول خَلْق نوعٍ مِن الوعي الإدراكي عند الآخرين
ليرفعوا مِن قيمة ذواتهم المَبْخُوسة
:
:
إن امتلاك الشخص لعزَّة النفس يمنعهُ مِن وضع نفسه
في مواقف مسيئة لشخصه أو للآخرين
فــــ عزة النفس تتمثَّل بالأساس في :
احترام النفس
والنأي بها عن المهانة والذُّل
والحذَر من السقوط في النفاق بالسموِّ
والبُعد عن كلِّ مَن يُقلِّل من قيمة المرء ويحطُّ مِن قدره
فـ المعتزُّ بنفسه لا يرضى في قرارة نفسه الداخلية
أن يُصيب غيره بسلوكيات وضيعة فلا يحتقر أحداً
:
:
ولا تأتي عزة النفس هكذا دون جهدٍ
لأنها بمثابة ثمار طيبة لمجموعة مِن القيم المغروسة والمستنبتة
كما أنها تتطلَّب منك أن تكون حامداً شاكراً في نفس الوقت
وأن تكونَ صريحاً وتواجه الحياة بشجاعة وقوة
وهذا لن يتمَّ دون امتلاك القدرة على نقد الذات
ومعاوَدة النفس والأفكار وتـقـيـيـمها بشكل دائم